إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌۖ أُجِيبُ دَعۡوَةَ ٱلدَّاعِ إِذَا دَعَانِۖ فَلۡيَسۡتَجِيبُواْ لِي وَلۡيُؤۡمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمۡ يَرۡشُدُونَ} (186)

{ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنّي } في تلوين الخطابِ وتوجيهِه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لا يخفى من تشريفِه ورفعِ محله { فَإِنّي قَرِيبٌ } أي فقل لهم إني قريبٌ ، وهو تمثيلٌ لكمال علمِه بأفعال العبادِ وأقوالِهم واطلاعِه على أحوالهم بحال من قُرب مكانُه ، رُوي أن أعرابياً قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم : أقريبٌ ربُّنا فنتاجيَه أم بعيدٌ فنناديَه ؟ فنزلت { أُجِيبُ دَعْوَةَ الداع إِذَا دَعَانِ } تقريرٌ للقُرب وتحقيقٌ له ووعدٌ للداعي بالإجابة { فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي } إذا دعوتُهم للإيمان والطاعةِ كما أجيبهم إذا دعَوْني لمُهمّاتهم { وَلْيُؤْمِنُواْ بِي } أمرٌ بالثبات على ما هم عليه { لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ } راجين إصابةَ الرُشْد أي الحقِّ ، وقرئ بفتح الشين وكسرِها ، ولمّا أمرهم الله تعالى بصوم الشهرِ ومراعاةِ العِدةِ وحثَّهم على القيام بوظائفِ التكبير والشكرِ عقّبه بهذه الآيةِ الكريمةِ الدالةِ على أنه تعالى خبيرٌ بأحوالهم سميعٌ لأقوالهم مجيبٌ لدعائهم مجازيهم على أعمالهم تأكيداً له وحثاً عليه .