الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{وَكُلَّ إِنسَٰنٍ أَلۡزَمۡنَٰهُ طَـٰٓئِرَهُۥ فِي عُنُقِهِۦۖ وَنُخۡرِجُ لَهُۥ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ كِتَٰبٗا يَلۡقَىٰهُ مَنشُورًا} (13)

وأخرج أحمد وعبد بن حميد وابن جرير بسند حسن ، عن جابر - رضي الله عنه - سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « طائر كل إنسان في عنقه » .

وأخرج ابن مردويه ، عن حذيفة بن أسيد - رضي الله عنه - سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : «إن النطفة التي يخلق منها النسمة تطير في المرأة أربعين يوماً وأربعين ليلة ، فلا يبقى منها شعر ولا بشر ولا عرق ولا عظم إلا دخله ، حتى أنها لتدخل بين الظفر واللحم ، فإذا مضى لها أربعون ليلة وأربعون يوماً أهبطه الله إلى الرحم ، فكان علقة أربعين يوماً وأربعين ليلة ، ثم يكون مضغة أربعين يوماً وأربعين ليلة ، فإذا تمت لها أربعة أشهر ، بعث الله إليها ملك الأرحام فيخلق على يده لحمها ودمها وشعرها وبشرها ، ثم يقول : صوّر . فيقول : يا رب ، ما أصور أزائد أم ناقص ، أذكر أم أنثى ، أجميل أم ذميم أجعد أم سبط أقصير أم طويل أبيض أم آدم أسويّ أم غير سويّ ؟ فيكتب من ذلك ما يأمر الله به . ثم يقول الملك : يا رب ، أشقيّ أم سعيد ؟ فإن كان سعيداً ، نفخ فيه بالسعادة في آخر أجله ، وإن كان شقياً : نفخ فيه بالشقاوة في آخر أجله . ثم يقول : اكتب أثرها ورزقها ومصيبتها وعملها بالطاعة والمعصية ، فيكتب من ذلك ما يأمره الله به ، ثم يقول الملك : يا رب ، ما أصنع بهذا الكتاب ؟ فيقول : علقه في عنقه إلى قضائي عليه . فذلك قوله : { وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه } » .

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم ، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : { ألزمناه طائره في عنقه } قال : سعادته وشقاوته وما قدره الله له وعليه فهو لازمه أينما كان .

وأخرج ابن أبي حاتم من طريق جوبير ، عن الضحاك رضي الله عنه في قوله : { طائره في عنقه } قال : قال عبد الله رضي الله عنه الشقاء والسعادة والرزق والأجل .

وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر ، عن أنس رضي الله عنه في قوله : { طائره في عنقه } قال : كتابه .

وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : { وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه } أي عمله .

وأخرج أبو داود في كتاب القدر وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم ، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : { وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه } قال : ما من مولود يولد إلا وفي عنقه ورقة مكتوب فيها شقي أو سعيد .

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم ، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : { ألزمناه طائره } قال : عمله { ونخرج له يوم القيامة كتاباً يلقاه منشوراً } قال : هو عمله الذي عمل أحصي عليه ، فأخرج له يوم القيامة ما كتب عليه من العمل ، فقرأه منشوراً .