البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَكُلَّ إِنسَٰنٍ أَلۡزَمۡنَٰهُ طَـٰٓئِرَهُۥ فِي عُنُقِهِۦۖ وَنُخۡرِجُ لَهُۥ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ كِتَٰبٗا يَلۡقَىٰهُ مَنشُورًا} (13)

قال ابن عباس : ما قدّر له وعليه ، وخاطب الله العرب في هذه الآية بما تعرف إذ كان من عادتها التيمُّن والتشاؤم بالطير في كونها سانحة وبارحة وكثر ذلك حتى فعلته بالظباء وحيوان الفلاة ، وسمي ذلك كله تطيراً .

وكانت تعتقد أن تلك الطيرة قاضية بما يلقى الإنسان من خير وشر ، فأخبرهم الله تعالى في أوجز لفظ وأبلغ إشارة أن جميع ما يلقى الإنسان من خير وشر فقد سبق به القضاء وألزم حظه وعمله ومكسبه في عنقه ، فعبر عن الحظ والعمل إذ هما متلازمان بالطائر قاله مجاهد وقتادة بحسب معتقد العرب في التطير ، وقولهم في الأمور على الطائر الميمون وبأسعد طائر ، ومنه ما طار في المحاصة والسهم ، ومنه فطار لنا من القادمين عثمان بن مظعون أي كان ذلك حظنا .

وعن ابن عباس : { طائره } عمله ، وعن السدّي كتابه الذي يطير إليه .

وعن أبي عبيدة : الطائر عند العرب الحظ وهو الذي تسميه البخت .

وعن الحسن : يا ابن آدم بسطت لك صحيفة إذا بعثت قلدتها في عنقك ، وخص العنق لأنه محل الزينة والشين فإن كان خيراً زانه كما يزين الطوق والحلي ، وإن كان شراً شانه كالغل في الرقبة .

وقرأ مجاهد والحسن وأبو رجاء طيره .

وقرئ : { في عنقه } بسكون النون .

وقرأ الجمهور ومنهم أبو جعفر : { ونخرج } بنون مضارع أخرج .

{ كتاباً } بالنصب .

وعن أبي جعفر أيضاً ويخرج بالياء مبنياً للمفعول { كتاباً } أي ويخرج الطائر كتاباً .

وعنه أيضاً كتاب بالرفع على أنه مفعول ما لم يسم فاعله .

وقرأ الحسن وابن محيصن ومجاهد : ويخرج بفتح الياء وضم الراء أي طائره كتاباً إلا الحسن فقرأ : كتاب على أنه فاعل يخرج .

وقرأت فرقة : ويخرج بضم الياء وكسر الراء أي ويخرج الله .

وقرأ الجمهور { يلقاه } بفتح الياء وسكون اللام .

وقرأ ابن عامر وأبو جعفر والحجدري والحسن بخلاف عنه { يلقاه } بضم الياء وفتح اللام وتشديد القاف .

{ منشوراً } غير مطوي ليمكنه قراءته ، و { يلقاه } و { منشوراً } صفتان لكتاب ، ويجوز أن يكون { منشوراً } حالاً من مفعول يلقاه