الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{قُلۡ إِن كَانَتۡ لَكُمُ ٱلدَّارُ ٱلۡأٓخِرَةُ عِندَ ٱللَّهِ خَالِصَةٗ مِّن دُونِ ٱلنَّاسِ فَتَمَنَّوُاْ ٱلۡمَوۡتَ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ} (94)

قال المفسّرون : سبب نزول هذه الآية : أنّ اليهود ادعوا دعاوى باطلة ، حكاها الله تعالى عنهم في كتابه كقوله تعالى { وَقَالُواْ لَن تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَّعْدُودَةً } [ البقرة : 80 ] .

وقوله : { وَقَالُواْ لَن يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَن كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَى } [ البقرة : 111 ] .

وقوله : { نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ } [ المائدة : 18 ] فكذبهم الله تعالى ، وألزمهم الحجة . فقال : قل يا محمّد إن كانت لكم الدّار الآخرة عند الله .

{ خَالِصَةً مِّن دُونِ النَّاسِ } خاصّة ؛ لقوله تعالى { خَالِصَةٌ لِّذُكُورِنَا } [ الأنعام : 139 ] ، قوله { خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ } [ الأعراف : 32 ] ، قوله { خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ } [ الأحزاب : 50 ] أي خاصّة من دون النّاس . { فَتَمَنَّوُاْ الْمَوْتَ } أي فأريدو وحَلّوه لأنّ من علم أنّ الجنّة مآبه حنَّ إليها ولا سبيل إلى دخولها إلاّ بعد الموت فاستعجلوه بالتمني . { إِن كُنْتُمْ صَادِقِينَ } في قولكم محقين في دعواكم ، وقيل في قوله تعالى { فَتَمَنَّوُاْ الْمَوْتَ } أيّ ادعوا بالموت على الفرقة الكاذبة .

روى ابن عبّاس عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال : " لو تمنّوا الموت لغصّ كل إنسان منهم بريقه ، وما بقي على وجه الأرض يهودي إلاّ مات " .