قوله تعالى : { إِن كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الآخِرَةُ عِندَ اللَّهِ خَالِصَةً } : شَرْطٌ جوابُه : " فَتَمَنَّوُا " و " الدارُ " اسمُ كان وهي الجنةُ . والأَوْلَى أن يُقَدَّر حَذْفُ مضافٍ ، أي : نَعيمُ الدارِ ، لأنَّ الدارَ الآخِرةَ في الحقيقةِ هي انقضاءُ الدنيا وهي للفريقَيْن . واختلفوا في خبر " كان " على ثلاثةِ أقوالٍ ، أحدُها : أنه " خالصةً " فتكون " عند " ظرفاً لخالصةً أو للاستقرار الذي في " لكم " ، ويجوزُ أن تكونَ حالاً مِن " الدار " والعاملُ فيه " كان " أو الاستقرارُ . وأمَّا " لكم " فيتعلَّقُ بكان لأنها تعملُ في الظرفِ وشِبْهِه . قال أبو البقاء " ويجوز أن تكونَ للتبيينِ فيكونَ موضعُها بعد " خالصةً " أي خالصةً لكم فَتَتَعَلَّقَ بنفسِ " خالصةً " . وهذا فيه نظرٌ ، لأنه متى كانت للبيانِ تعلَّقَتْ بمحذوفٍ تقديرُه : أعني لكم نحو : سُقْياً لك ، تقديرُه : أعني بهذا الدعاءِ لك . وقد صَرَّح غيرُه في هذا الموضعِ بأنها للبيانِ وأنها متعلقةٌ حينئذٍ بمحذوف كما ذكرت . ويجوز أَنْ يكونَ صفةً ل " خالصةً " في الأصل قُدِّم عليها فصار حالاً منها فيتعلَّقَ بمحذوفٍ .
الثاني : أنَّ الخبر " لكم " فيتعلَّقُ بمحذوفٍ ويُنْصَبُ " خالصةً " حينئذٍ على الحالِ ، والعاملُ فيها : إمَّا " كان " أو الاستقرارُ في " لكم " و " عند " منصوبٌ بالاستقرارِ أيضاً .
الثالث : أنَّ الخبرَ هو الظَرْفُ ، و " خالصةً " حالٌ أيضاً ، والعاملُ فيها : إمَّا " كانَ " أو الاسقرارُ ، وكذلك " لكم " . وقد مَنَعَ من هذا الوجهِ قومٌ فقالوا : " لا يجوزُ أن يكونَ الظرفُ خبراً لأنَّ الكلامَ لا يَسْتَقِلُّ به " . وجَوَّزَ ذلك المهدوي وابنُ عطية وأبو البقاء . واستشعر أبو البقاء هذا الإِشكالَ وأجاب عنه فإنه قال : " وسَوَّغَ أن يكونَ " عند " خبرَ كان " لكم " ، يعني لفظَ " لكم " سَوَّغَ وقوعَ " عند " خبراً ، إذ كان فيه تخصيصٌ وتَبْيينٌ ، ونظيرُه قولُه : { وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ } [ الإخلاص : 4 ] ، لولا " له " لم يَصِحَّ أن يكونَ " كفواً " خبراً . و { مِّن دُونِ النَّاسِ } في محلِّ النصبِ ب " خالصةً " لأنَّك تقولُ : " خَلُصَ كذا مِنْ كذا " .
وقرأ الجمهورُ : " َتَمَنَّوُا الموتَ " بضمِّ الواو ، ويُرْوَى عن أبي عمرو فتحُها تخفيفاً ، واختلاسُ الضمة . وقرأ ابن أبي إسحاق بكسرها على التقاء الساكنين تشبيهاً بواو " لَوِ استطعنا " . و " إنْ كنتم " كقوله : { إِن كُنْتُمْ مُّؤْمِنِينَ } وقد تقدَّمَ .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.