الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{وَإِذۡ أَخَذۡنَا مِيثَٰقَكُمۡ وَرَفَعۡنَا فَوۡقَكُمُ ٱلطُّورَ خُذُواْ مَآ ءَاتَيۡنَٰكُم بِقُوَّةٖ وَٱسۡمَعُواْۖ قَالُواْ سَمِعۡنَا وَعَصَيۡنَا وَأُشۡرِبُواْ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلۡعِجۡلَ بِكُفۡرِهِمۡۚ قُلۡ بِئۡسَمَا يَأۡمُرُكُم بِهِۦٓ إِيمَٰنُكُمۡ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ} (93)

{ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُواْ مَآ ءَاتَيْنَكُم بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُواْ } أي استجيبوا واطيعوا سميت الطاعة سمعاً على المجاز لأنّه سبب الطّاعة والأجابة ومنه قولهم : سَمِع الله لمن حمده أي أجابه ، وقال الشاعر :

دعوت الله حتّى خفتُ ألاّ *** يكون الله يسمع ما أقول

أي يجب . { قَالُواْ سَمِعْنَا } قولك . { وَعَصَيْنَا } أمرك [ أو سمعنا بالآذان وعصينا بالقلوب ] .

قال أهل المعاني : إنّهم لم يقولوا هذا بألسنتهم ، ولكن لما سمعوا الأمر وتلقوه بالعصيان نُسب ذلك عنهم إلى القول اتساعاً ، كقول الشاعر

ومنهل ذبّابة في عيطل *** يقلن للرائد عشبت أنزل

{ وَأُشْرِبُواْ فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ } أي حبّ العجل ، كقوله تعالى { وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ } [ يوسف : 82 ] ، وقال النابغة :

فكيف يواصل من اصبحت *** خلالة كأني مرحب

أي لخلاله أني مرحب ، ومعناه أدخل في قلوبهم حبّ العجل ، وخالطها ذلك كاشراب اللون لشدة الملازمة . { بِكُفْرِهِمْ قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ } أن تعبدوا العجل من دون الله [ فالله لا يأمر بعبادة العجل ] . { إِنْ كُنْتُمْ مُّؤْمِنِينَ } بزعمكم وذلك إنّهم قالوا : نؤمن بما أُنزل علينا ، فكذبهم الله تعالى .