الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{قَالَ فَٱذۡهَبۡ فَإِنَّ لَكَ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ أَن تَقُولَ لَا مِسَاسَۖ وَإِنَّ لَكَ مَوۡعِدٗا لَّن تُخۡلَفَهُۥۖ وَٱنظُرۡ إِلَىٰٓ إِلَٰهِكَ ٱلَّذِي ظَلۡتَ عَلَيۡهِ عَاكِفٗاۖ لَّنُحَرِّقَنَّهُۥ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُۥ فِي ٱلۡيَمِّ نَسۡفًا} (97)

{ قَالَ } له موسى { فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ } ما دمت حياً { أَن تَقُولَ لاَ مِسَاسَ } لا تخالط أحداً ولا يخالطك أحد ، وأمر موسى بني إسرائيل أن لا يخالطوه ولا يقربوه .

قال قتادة : إن بقاياهم اليوم يقولون ذلك : لا مساس ، ويقال بأنَّ موسى همَّ بقتل السامري فقال الله : لا تقتله فإنه سخىّ ، وفي بعض الكتب : إنّه إنْ يمسّ واحد من غيرهم أحداً منهم حُمّ كلاهما في الوقت .

{ وَإِنَّ لَكَ } يا سامري { مَوْعِداً } لعذابك { لَّن تُخْلَفَهُ } قرأ الحسن وقتادة وأبو نهيك وأبو عمرو بكسر اللام بمعنى لن تغيب عنه بل توافيه ، وقرأ الباقون بفتح اللام بمعنى لن يخلفكه الله .

{ وَانظُرْ إِلَى إِلَهِكَ } بزعمك وإلى معبودك { الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ } دمت عليه { عَاكِفاً } مقيماً تعبده .

يقول العرب : ظلتُ أفعل كذا بمعنى ظللت ، ومسْت بمعنى مسست ، وأحسْت بمعنى أحسست . قال الشاعر :

خلا أنّ العتاق من المطايا *** أحَسْنَ به فهنّ إليه شوس

أي أحسسن .

{ لَّنُحَرِّقَنَّهُ } قرأه العامة بضم النون وتشديد الراء بمعنى لنحرقنه بالنار .

وقرأ الحسن بضم النون وتخفيف الراء من إلاحراق بالنّار ، وتصديقه قول ابن عباس : فحرّقه بالنار ثمَّ ذرّاه في اليمّ .

وقرأ أبو جعفر وابن محيص وأشهب العقيلي لنحرقنه بفتح النون وضم الراء خفيفة بمعنى لنبردنّه بالمبارد ، يقال : حرقه يحرقه ويحرقه إذا برّده ، ومنه قيل للمبرد المحرق ، ودليل هذه القراءة قول السدّي : أخذ موسى العجل فذبحه ثمَّ حرقه بالمبرد ثمَّ ذرّاه في اليّم ، وفي حرف ابن مسعود : لنذبحنه ثمَّ لنحرّقنه { ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ } لنذرّينه { فِي الْيَمِّ نَسْفاً } يقال نسف الطعام بالمنسف إذا ذرّاه فطيّر عنه قشوره وترابه .