بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَعِبَادُ ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلَّذِينَ يَمۡشُونَ عَلَى ٱلۡأَرۡضِ هَوۡنٗا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ ٱلۡجَٰهِلُونَ قَالُواْ سَلَٰمٗا} (63)

قوله عز وجل : { وَعِبَادُ الرحمن الذين يَمْشُونَ } يعني : وإن من عباد الرحمن عباداً يمشون { على الأرض هَوْناً } يعني : يمضون متواضعين ، وهذا جواب لقولهم { وَمَا الرحمن أَنَسْجُدُ } ؟ فقال : الرحمن الذي جعل في السماء بروجاً ، وهو الذي له عباد مثل هؤلاء . يعني : أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، ومن كان مثل حالهم ، وهذا كقوله : { جنات عَدْنٍ التى وَعَدَ الرحمن عِبَادَهُ بالغيب إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيّاً } [ مريم : 61 ] وكقوله : { والذين اجتنبوا الطاغوت أَن يَعْبُدُوهَا وأنابوا إِلَى الله لَهُمُ البشرى فَبَشِّرْ عِبَادِ والذين } [ الزمر : 17 ] الآية .

وقال مجاهد : { يمشون على الأرض هوناً } في طاعة الله متواضعين . ويقال : هوناً ، أي : هيناً لا جور فيه على أحد ، ولا أذى . ويقال : هوناً يعني : سكينة ووقاراً . وحلماً . { وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الجاهلون } يعني : كلمهم الجاهلون بالجهل { قَالُواْ سَلاَماً } يعني : سداداً من القول . ويقال : ردوا إليهم بالجميل . وقال الحسن : أي حلماً لا يجهلون ، وإن جهل عليهم حلموا . وقال الكلبي : نسخت بآية القتال وقال بعضهم : هذا خطأ ، لأن هذا ليس بأمر ، ولكنه خير من حالهم ، والنسخ يجري في الأمر والنهي