غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَعِبَادُ ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلَّذِينَ يَمۡشُونَ عَلَى ٱلۡأَرۡضِ هَوۡنٗا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ ٱلۡجَٰهِلُونَ قَالُواْ سَلَٰمٗا} (63)

51

ثم أراد أن يختم السورة بوصف عباده المخلصين فقال { وعباد الرحمن } وهو مبتدأ خبره في آخر السورة { أولئك يجزون الغرفة } أو خبره { الذين يمشون } والإضافة إلى الرحمن للتخصيص والتشريف . وقرئ { وعبّاد } جمع عابد وصف سيرتهم مع الخلق بالنهار أوّلاً ، ثم وصف معاملتهم مع الحق بالليل ثانياً ، ثم قسم الوصف الأول إلى نوعين : أحدهما ترك الإيذاء وهو المراد بقوله { الذين يمشون على الأرض هوناً } مصدر وضع للمبالغة موضع الحال أو الصفة للمشي بمعنى هينين أو مشياً هيناً والمعنى أنهم يمشون بسكينة ووقار وتواضع لا يضربون بأقدامهم ولا يخفقون بنعالهم أشرا وبطراً ، ولذلك كره بعضهم الركوب في الأسواق والمشي في الأسواق دون الركوب سيرة المرسلين قال عز من قائل { وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا أنهم ليأكلون الطعام ويمشون في الأسواق } [ الفرقان : 20 ] وثانيهما تحمل الإيذاء وإليه الإشارة بقوله { وإذا خاطبهم الجاهلون } يعني السفهاء وقليلي الأدب { قالوا سلاماً } يعني سلام توديع ومتاركة كسلام إبراهيم صلى الله عليه وسلم حين قال لأبيه

{ سلام عليك } [ مريم : 47 ] ولا نسخ في الآية على ما زعم الكلبي وأبو العالية من أنها نسخت بآية القتال ، فإن الإغضاء عن السفهاء وترك مقابلتهم بسوء الأدب مستحسن عقلاً وشرعاً .

/خ77