الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{وَلَا تَهِنُواْ فِي ٱبۡتِغَآءِ ٱلۡقَوۡمِۖ إِن تَكُونُواْ تَأۡلَمُونَ فَإِنَّهُمۡ يَأۡلَمُونَ كَمَا تَأۡلَمُونَۖ وَتَرۡجُونَ مِنَ ٱللَّهِ مَا لَا يَرۡجُونَۗ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا} (104)

{ وَلاَ تَهِنُواْ فِي ابْتِغَآءِ الْقَوْمِ } لا تضعفوا في طلب القوم . أبي سفيان واصحابه يوم أحد وقد مضت هذه القصة في سورة آل عمران .

{ إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ } أي تتوجعون وتشتكون من الجراح { فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ } أي يتوجعون ويشتكون من الجراح { كَمَا تَأْلَمونَ } وانتم مع ذلك امنون { وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ } الأجر والثواب والنصر الذي وعدكم الله وإظهار دينكم على سائر الأديان .

{ مَا لاَ يَرْجُونَ } وقيل : [ تفسر ] الآية : وترجون من الله ما لا يرجون أي تخافون من عذاب الله ما لا يخافون . قال الفراء : لا يكون الرجاء بمعنى الخوف إلاّ مع الجحد ، كقول الله تعالى

{ قُل لِّلَّذِينَ آمَنُواْ يَغْفِرُواْ لِلَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ } [ الجاثية : 14 ] أي لا يخافون أيام الله وكذلك قوله تعالى :

{ مَّا لَكُمْ لاَ تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً } [ نوح : 13 ] أي لاتخافون لله عظمة ، وهي لغة حجازية .

قال الشاعر :

لا ترتجي حين تلاقي الذائذا *** أسبعة لاقت معاً أم واحداً

وقال الهذلي : يصف [ معتار ] العسل ذا النوب وهي النحل :

ويروى في بيت نوب عوامل *** إذا لسعته النحل لم يرج لسعها

وخالفها في بيت نوب عوامل .

قال : ولا يجوز رجوتك وأنت تريد خفتك ولاخفتك وأنت تريد رجوتك .