الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{وَلَا تَهِنُواْ فِي ٱبۡتِغَآءِ ٱلۡقَوۡمِۖ إِن تَكُونُواْ تَأۡلَمُونَ فَإِنَّهُمۡ يَأۡلَمُونَ كَمَا تَأۡلَمُونَۖ وَتَرۡجُونَ مِنَ ٱللَّهِ مَا لَا يَرۡجُونَۗ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا} (104)

{ وَلاَ تَهِنُواْ } ولا تضعفوا ولا تتوانوا { فِى ابتغاء القوم } في طلب الكفار بالقتال والتعرض به لهم ، ثم ألزمهم الحجة بقوله : { إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ } أي ليس ما تكابدون من الألم بالجرح والقتل مختصاً بكم ، إنما هو أمر مشترك بينكم وبينهم يصيبهم كما يصيبكم ، ثم إنهم يصبرون عليه ويتشجعون . فما لكم لا تصبرون مثل صبرهم ، مع أنكم أولى منهم بالصبر لأنكم { تَرْجُونَ مِنَ الله مَا لاَ يَرْجُونَ } من إظهار دينكم على سائر الأديان ، ومن الثواب العظيم في الآخرة . وقرأ الأعرج : «أن تكونوا تألمون » ، بفتح الهمزة ، بمعنى : ولا تهنوا لأن تكونوا تألمون . وقوله : { فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمونَ } تعليل . وقرىء : «فإنهم ييلمون كما تيلمون » . وروي أن هذا في بدر الصغرى ، كان بهم جراح فتواكلوا { وَكَانَ الله عَلِيماً حَكِيماً } لا يكلفكم شيئاً ولا يأمركم ولا ينهاكم إلا لما هو عالم به مما يصلحكم .