الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{حُرِّمَتۡ عَلَيۡكُمُ ٱلۡمَيۡتَةُ وَٱلدَّمُ وَلَحۡمُ ٱلۡخِنزِيرِ وَمَآ أُهِلَّ لِغَيۡرِ ٱللَّهِ بِهِۦ وَٱلۡمُنۡخَنِقَةُ وَٱلۡمَوۡقُوذَةُ وَٱلۡمُتَرَدِّيَةُ وَٱلنَّطِيحَةُ وَمَآ أَكَلَ ٱلسَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيۡتُمۡ وَمَا ذُبِحَ عَلَى ٱلنُّصُبِ وَأَن تَسۡتَقۡسِمُواْ بِٱلۡأَزۡلَٰمِۚ ذَٰلِكُمۡ فِسۡقٌۗ ٱلۡيَوۡمَ يَئِسَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن دِينِكُمۡ فَلَا تَخۡشَوۡهُمۡ وَٱخۡشَوۡنِۚ ٱلۡيَوۡمَ أَكۡمَلۡتُ لَكُمۡ دِينَكُمۡ وَأَتۡمَمۡتُ عَلَيۡكُمۡ نِعۡمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ ٱلۡإِسۡلَٰمَ دِينٗاۚ فَمَنِ ٱضۡطُرَّ فِي مَخۡمَصَةٍ غَيۡرَ مُتَجَانِفٖ لِّإِثۡمٖ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٞ} (3)

{ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ } وهي كل ما له نفس سائلة مما أباح اللّه عز وجل أكلها ، فارقتها روحها بغير تذكية ، وإنما قلنا : نفس سائلة لأن السمك والجراد دمان وهما حلال .

{ وَالْدَّمُ } أُجْمِل هاهنا وفسر في آية أخرى فقال عز من قائل :

{ أَوْ دَماً مَّسْفُوحاً } [ الأنعام : 145 ] فالدم الملطخ فهو كاللحم في أكله لأن الكبد والطحال دمان وهما حلال .

عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه أن عمر قال : قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : " أُحلّت لنا ميتتان ودمان فالميتتان الحوت والجراد وأما الدّمان فالطحال والكبد " .

{ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ } وكل شيء منه حرام وإنما خصّ اللحم لأنّ اللحم من أعظم منافعه . { وما أُهلّ به } ذبح { لِغَيْرِ اللَّهِ } وذكر عليه غير اسم اللّه .

قال أبو ميسرة : في المائدة ثمان عشرة فريضة ليس في سورة من القرآن وهي آخر سورة نزلت ليس فيها منسوخ .

{ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَآ أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُواْ بِالأَزْلاَمِ } ، { وَمَا عَلَّمْتُمْ مِّنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ } ، { وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَّهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ } ، { إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ } ، { وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ } .

{ لاَ تَقْتُلُواْ الصَّيْدَ } إلى قوله { ذُو انْتِقَامٍ } [ المائدة : 95 ] { مَا جَعَلَ اللَّهُ مِن بَحِيرَةٍ وَلاَ سَآئِبَةٍ وَلاَ وَصِيلَةٍ وَلاَ حَامٍ } { شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ } [ المائدة : 103 ، 104 ] .

فأما المنخنقة فهي التي تختنق فتموت ، قال ابن عباس : كان أهل الجاهلية يخنقون الشاة حتى إذا ماتت أكلوها ، والموقوذة : التي تضرب بالخشب حتّى تموت .

قال قتادة : كان أهل الجاهلية يضربونها بالعصا حتّى إذا ماتت أكلوها . فقال فيه : قذّه يقذّه وقذا إذا ضربه حتى شفى على الهلاك .

قال الفرزدق :

شغارة تقذ الفصيل برجلها *** طارة لقوادم الأبكار

والمتردية : التي تتردى من مكان عال أو في بئر فتموت .

والنطيحة : التي تنطحها صاحبتها فتموت ، و " هاء " التأنيث تدخل في الفعيل بمعنى الفاعل فإذا كان بمعنى المفعول إستوى فيها المذكر والمؤنث نحو لحية دهين ، وعين كحيل ، وكف خضيب ، فإنما أُدخل الهاء ها هنا لأن الإسم لا يسقط منها ولو أسقط الهاء منها لم يدرَ أهي صفة لمؤنث أو مذكر ، والعرب تقول لحية دهين ، وعين كحيل ، وكف خضيب فإذا حذفوا الإسم وأفردوا الصفة أدخلوا الهاء ، قالوا : رأينا كحيلة وخضيبة ودهينة ، وأكيلة السبع فأدخلوا الهاء مثل الذبيحة والسكينة وما أكل السبع غير [ المعلم ] .

وقرأ ابن عباس : وأكيل السبع ، وقرأ ابن أبي زائدة : وأكيلة السبع ، وقرأ الحسن وطلحة ابن سليمان : وما أكل السبع بسكون الباء [ وهي لغة لأهل نجد ] .

قال حسّان بن ثابت في عتبة بن أبي لهب :

من يرجع العام إلى أهله *** فما أكيل السبع بالراجع

قال قتادة : كان أهل الجاهلية إذا أكل السبع ملياً أو أكل منه أكلوا ما بقي { إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ } يعني إلاّ ما أدركتم ذكاته من هذه الأشياء ، والتذكية تمام فري الأوداج ، وإنهار الدم ، ومنه الذكاة في السنّ وهو أن يأتي على قروحه سنة ، وذلك تمام استكمال القوة ومثله المثل السائد : جري المذكيات غلاب .

قال الشاعر :

يفضله إذا اجتهدوا عليه *** تمام السن منه والذكاء

ومنه الذكاء في الفهم إذا كان تام العقل سريع القبول .

ويقول في الذكاة إذا أتممت إشعالها ، فمعنى ذكيتم أدركتم ذبحه على التمام .

وقال ابن عباس وعتبة بن عمير : إذا طرفت بعينها أو ضربت بذَنبِها أو ركضت برجلها أو تحركت فقد حلت لك .

وعن زيد بن ثابت : أن ذئباً نيب في شاة فذبحوها بمروة فرخص النبي صلى الله عليه وسلم في أكله .

أبو قلابة عن أبي الأشعث الصنعاني عن شداد بن أوس قال : قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم " إن اللّه كتب الإحسان على كلّ شيء ، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة ، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة وليحدّ أحدكم شفرته وليرح ذبيحته " .

قال عاصم عن عكرمة : " إن رجلاً أضجع شاته وجعل يحدّ شفرته ليذبحها ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم " تريد أن تميتها موفات قبل أن تذبحها " .

{ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ } قال بعضهم : فهو جمع واحدها نصاب ، وقيل : هو واحدة جمعها أنصاب مثل عنق وأعناق .

وقرأ الحسن بن صالح وطلحة بن مصرف : النصب بجزم الصّاد .

وروى الحسن بن علي الجعفي عن أبي عمرو : النصب بفتح النون وسكون الصّاد .

وقرأ الجحدري : بفتح النون والصّاد [ جعله ] إسماً موحداً كالجبل والجمل والجمع أنصاب كالأجمال والأجبال وكلها لغات وهو الشيء المنصوب ، ومنه قوله تعالى

{ كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ } [ المعارج : 43 ] واختلفوا في معنى النصب هاهنا .

فقال مجاهد وقتادة وابن جريح : كان حول البيت ثلاثمائة وستين حجراً وكان أهل الجاهلية يذكّون عليها يشرّحون اللّحم عليها وكانوا يعظمون هذه الحجارة ويعبدونها ويذبحون لها ، وكانوا مع هذا يبدلونها إذا شاؤوا لحجارة [ من قبالهم ] منها ، قالوا : وليست هي بأصنام إنما الصنم ما يصوّر وينقش .

وقال الآخرون : هي الأصنام المنصوبة .

قال الأعشى :

وذا النصب المنصوب لا تستكّنه *** لعاقبة واللّه ربك فاعبدا

ثم اختلفوا في معناها . فقال بعضهم : تقديره على إسم النصب . ابن زيد { وما ذبح على النصب } وما { أهلّ لغير اللّه به } هما واحدة .

قطرب : معناه : ما ذبح للنصب أي لأجلها على معنى اللام وهما يتعاقبان في الكلام . قال اللّه تعالى

{ فَسَلاَمٌ لَّكَ } [ الواقعة : 91 ] أي عليك ، وقال

{ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا } [ الإسراء : 6 ] أي فعليها ، { وَأَنْ تَسْتَقْسِمُواْ } معطوف على ما قبله ، وأن في محل الرفع أي وحرم عليكم الإستقسام بالأزلام ، والاستقسام طلب القسم والحكم من الأزلام وهي القداح التي لا ريش لها ولا نصل ، واحدها زلم مثل عمر ، وزلم وهي القداح .

قال الشاعر :

فلئن جذيمة قتّلت سرواتها *** فنساؤها يضربن بالأزلام

وكان استقسامهم بالأزلام على ما ذكره المفسّرون أن أهل الجاهلية إذا كان سفراً أو غزواً أو تجارة أو تزويجاً أو غير ذلك ضرب القداح وكانت قداحاً مكتوب على بعضها : نهاني ربي ، وعلى بعضها : أمرني ربي ، إن خرج الآمر مضى لأمره ، وإن خرج الناهي أمسك .

وقال سعيد بن جبير : الأزلام حصى بيض كانوا يضربون بها .

أبو هشام عن زياد بن عبد اللّه عن محمد بن إسحاق قال : كانت هبل أعظم أصنام قريش بمكة ، وكانت على بئر في جوف الكعبة وكانت تلك البئر هي التي يجمع فيها ما يهدى للكعبة وكانت عند هبل أقداح سبعة كل قدح منها فيه كتاب ، قدح فيه : العقل ، إذا اختلفوا في العقل من يحمله منهم ضربوا بالقداح السبعة فإن خرج العقل حمله ، وقدح فيه : نعم ، للأمر ، إذا أرادوا أمراً ضربوا به في القداح فإن خرج ذلك القدح فعلوا ذلك الأمر .

وقدح فيه : لا إذا أرادوا أمر يضربون فإن خرج قدح " لا " لم يفعلوا ذلك الأمر ، وقدح فيه : منكم وقدح فيه : ملصق وقدح فيه : من غيركم ، وقدح فيه المياه إذا أرادوا أن يحفروا للماء ضربوا بالقداح وفيها ذلك القداح فحيثما خرج عملوا به .

وكانوا إذا أرادوا أن يختتنوا غلاماً أو أن ينكحوا امرأة أو يدفنوا ميّتاً أو شكّوا في نسب خصمهم ذهبوا به إلى هبل وبمائة درهم وبجزور فأعطوها صاحب القداح الذي يضربها ثم قرّبوا صاحبهم الذي يريدون به ما يريدون ثم قالوا : يا إلهنا هذا فلان بن فلان قد أردنا به كذا وكذا فأخرج الحق ، ثم يقولون لصاحب القداح : اضرب فيضرب ، فإن خرج عليه : منكم ، كان وسيطاً منهم وإن خرج عليه : من غيركم ، كان حليفاً ، وإن خرج عليه : ملصق ، كان على منزلته منهم لا نسب له ولا حليف ، وإن كان في شيء مما سوى هذا مما يعملون به كنعم عملوا به ، فإن خرج : لا ، أخّروا عامهم ذلك حتى يأتوه مرة أخرى ينتهون في أمورهم إلى ذلك مما خرجت به القداح . فقال اللّه عز وجل { ذلِكُمْ فِسْقٌ } .

قال مجاهد : هي كعاب فارس والرّوم التي يتقامرون بها .

قال سفيان بن وكيع : الشطرنج .

رجاء بن حيوة عن أبي الدرداء قال : قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : " من تكهّن أو استقسم أو تطيّر طيرة تردّه عن سفره لم ينظر إلى الدرجات العلى من الجنة يوم القيامة " .

{ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن دِينِكُمْ } يعني عن أن يرجعوا إلى دينهم كفّاراً ، وفيه لغتان قال : الشعبي وائس يايس إياساً وإياسة .

قال النضر بن شميل : { فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ } نزلت الآية في يوم الجمعة وكان يوم عرفة بعد العصر في حجة الوداع سنة عشر للهجرة والنبي صلى الله عليه وسلم واقف بعرفات على ناقته العضباء وكادت عضد الناقة ينقد من ثقلها فبركت .

وقال طارق بن شهاب : جاء رجل من اليهود إلى عمر بن الخطاب ( رضي الله عنه ) فقال : آية [ نقرؤها ] لو علينا نزلت في ذلك اليوم لاتخذناه عيداً ، قال : أية آية ؟ قال : { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ } ، قال عمر : قد علمت في أي يوم نزلت وفي أي مكان ، إنها نزلت يوم عرفة في يوم جمعة ونحن مع رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وقوفاً بعرفات وكلاهما بحمد اللّه لنا عيد ، ولا يزال ذلك اليوم عيداً للمسلمين ما بقي منهم أحد وقد صار من ذلك اليوم خمسة أعياد جمعة وعرفة وعيد اليهود والنصارى والمجوس ولا يجمع أعياد أهل الملل في يوم قبله ولا بعده .

وروى هارون بن عنترة عن أبيه قال : " لما نزلت هذه الآية بكى عمر ( رضي الله عنه ) فقال له النبي صلى الله عليه وسلم " ما يبكيك يا عمر " قال : أبكاني أنا كنا في زيادة من ديننا فأمّا إذا كمل فإنه لم يكمل شيء إلاّ نقص ، فقال : " صدقت " .

وكانت هذه الآية نعي رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وعاش بعدها أحد وثمانون يوماً أو نحوها .

واختلف المفسّرون في معنى الآية فقال ابن عباس والسدّي : { الْيَوْمَ } وهو يوم نزول هذه الآية { أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ } أي الفرائض والسنن والحدود والأحكام والحلال والحرام فلم ينزل بعد هذه الآية حلال ولا حرام ولا شيء من الفرائض . فهذا معنى قول ابن عباس والسدي .

وقال سعيد بن جبير وقتادة : اليوم أكملت لكم دينكم فلم يحج معكم مشرك ، وقيل : هو أن اللّه تعالى أعطى هذه الأُمة من أنواع العلم والحكمة جميع ما أعطى سائر الرسل والأُمم فزادهم .

وقيل : إن شرائع الأنبياء زالت ونقضت وشريعة هذه الأمة باقية لا تنمح ولا تتغيّر إلى يوم القيامة [ . . . . . . . ] هو بايعك ثم فرّقوه ، يكن هذا لغيرهم ، وقيل : لم يكن إلاّ هذه الأُمة ، وقيل : هو أن اللّه تعالى جمع بهذه الآية جميع [ . . . . . . . . ] الولاية وأسبابها .

قال الثعلبي : وسمعت أبا القاسم بن حسيب قال : سمعت أبا جعفر محمد بن أحمد بن سعيد الرّازي قال : سمعت العباس بن حمزة قال : سمعت ذا النون يقول يعلمنا من سياسة فيقول أربعة أشياء : الكتاب والرسول ، والخلعة والولاية .

قال : كتاب جعله أشرف الكتب وأكثرها يسراً وأخفّها أمراً وأغزرها علماً وأوفرها حكماً ، ورسول اللّه جعله أعظم الرسل وأفضلهم ، والخلعة جعله عطاءً ولم يجعلها عارية ، والولاية جعلها دائمة إلى نفخ الصور .

{ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي } حققت وعدي في قولي ولأُتم نعمتي عليكم فكان من تمام نعمته أن دخلوا مكة آمنين وعليها ظاهرين وحجوا مطمئنين لم يخالطهم أحد من المشركين .

وقال الشعبي : نزلت هذ الآية بعرفات حيث هدم منار الجاهلية ومناسكهم واضمحل الشرك ولم يحج معهم في ذلك العام مشرك ، ولم يطف بالبيت [ غيرهم ] .

السّدي : أظهرتكم على العرب .

{ وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلمَ دِيناً فَمَنِ اضْطُرَّ } إجتهد { فِي مَخْمَصَةٍ } مجاعة يقال : هو خميص البطن إذا كان طاوياً خاوياً ، ورجل خمصان وامرأة خمصانة إذا كانا ضامرين مضيمين والخَمص والخُمص الجوع .

قال الشاعر :

يرى الخمص تعذيباً وإن يلق شبعة *** يبت قلبه من قلّة الهمّ مبهماً

{ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ } .

قال أبو عبيدة : غير متحرف مائل ، قطرب : مائل ، المبرّد : [ زايغ ] وقرأ النخعي : متجنف وهما بمعنى واحد يقال : تجنّف وتجانف مثل تعهد وتعاهد .

قتادة : غير متعرض بمعصية في مقصده وهو قول الشافعي .

وقال أبو حنيفة : ما أكل فوق الشبع { فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } فيه إضمار ، تقديره : فأكله ، ويكتفى بدلالة الكلام عليه ، فإن اللّه غفور رحيم أي غفور له غفور كما يقول عبد اللّه : ضربت ، فيريد ضربته .

قال الشاعر :

ثلاث كلّهنّ قتلت عمداً *** فأخزى اللّه رابعة تعود

وقد فسر رسول اللّه صلى الله عليه وسلم المخمصة [ بما رواه ] [ الأوزاعي ] " عن حسان بن عطية عن أبي واقد قال : سألت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم إنا بأرض يصيبنا بها مخمصة فمتى تحل لنا الميتة ؟

قال صلى الله عليه وسلم : " إذا لم تصطبحوا ولم تغتبقوا ولم تحتفئوا بقلا فشأنكم بها " .