أخرج ابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه والحاكم وصححه عن أبي أمامة قال : بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قومي أدعوهم إلى الله ورسوله وأعرض عليهم شعائر الإسلام ، فأتيتهم فبينما نحن كذلك إذ جاؤوا بقصعة دم واجتمعوا عليها يأكلونها ، قالوا : هلم يا صدي فكل . قلت : ويحكم . . . ! إنما أتيتكم من عند من يحرِّم هذا عليكم ، وأنزل الله عليه . قالوا : وما ذاك ؟ قال : فتلوت عليهم هذه الآية { حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير . . . } الآية .
وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن قتادة قال : إذا أكل لحم الخنزير عرضت عليه التوبة ، فإن تاب وإلا قتل .
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن ابن عباس في قوله { وما أهل لغير الله به } قال : ما أهل للطواغيت به { والمنخنقة } قال : التي تخنق فتموت { والموقوذة } التي تضرب بالخشبة فتموت { والمتردية } قال : التي تتردى من الجبل فتموت { والنطيحة } قال : الشاة التي تنطح الشاة { وما أكل السبع } يقول : ما أخذ السبع { إلا ما ذكيتم } يقول : ما ذبحتم من ذلك وبه روح فكلوه { وما ذبح على النصب } قال : النصب . إنصاب ، كانوا يذبحون ويهلون عليها { وأن تستقسموا بالأزلام } قال : هي القداح كانوا يستقسمون بها في الأمور { ذلكم فسق } يعني من أكل من ذلك كله فهو فسق .
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله تعالى { والمنخنقة } قال : كانت العرب تخنق الشاة ، فإذا ماتت أكلوا لحمها . قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم ، أما سمعت امرئ القيس وهو يقول :
يغط غطيط البكر شد خناقه *** ليقتلني والمرء ليس بقتال
قال : أخبرني عن قوله { والموقوذة } قال : التي تضرب بالخشب حتى تموت . قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم ، أما سمعت الشاعر يقول :
يلوينني دين النهار واقتضي *** ديني إذا وقذ النعاس الرقدا
قال : أخبرني عن قوله { الأنصاب } قال : الأنصاب . الحجارة التي كانت العرب تعبدها من دون الله وتذبح لها . قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم ، أما سمعت نابغة بني ذبيان وهو يقول :
فلا لعمر الذي مسحت كعبته *** وما هريق على الأنصاب من جسد
قال : أخبرني عن قوله { وإن تستقسموا بالأزلام } قال : الأزلام . القداح كانوا يستقسمون الأمور بها ، مكتوب على أحدهما أمرني ربي ، وعلى الآخر نهاني ربّي ، فإذا أرادوا أمراً أتوا بيت أصنامهم ، ثم غطوا على القداح بثوب فأيهما خرج عملوا به . قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم . أما سمعت الحطيئة وهو يقول :
لا يزجر الطير إن مرت به سنحاً *** ولا يفاض على قدح بأزلام
وأخرج البخاري ومسلم عن عدي بن حاتم قال : قلت يا رسول الله ، إني أرمي بالمعراض الصيد فأصيب ، فقال : « إذا رميت بالمعراض فخزق فكله ، وإن أصابه بعرضه فإنما هو وقيذ فلا تأكله » .
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : الرادة التي تتردى في البئر ، والمتردية التي تتردى من الجبل .
وأخرج عن أبي ميسرة أنه كان يقرأ « والمنطوحة » .
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس أنه قرأ « وأكيل السبع » .
وأخرج ابن جرير عن علي قال : إذا أدركت ذكاة الموقوذة والمتردية والنطيحة ، وهي تحرك يداً أو رجلا فكلها .
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « لا تأكل الشريطة فإنها ذبيحة الشيطان » قال ابن المبارك : هي أن تخرج الروح منه بشرط من غير قطع حلقوم .
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله { وما ذبح على النصب } قال : كانت حجارة حول الكعبة يذبح عليها أهل الجاهلية ويبدلونها بحجارة : إذا شاؤوا أعجب إليهم منها .
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد في قوله { وأن تستقسموا بالأزلام } قال : سهام العرب وكعاب فارس التي يتقامرون بها .
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد قال { الأزلام } القداح ، يضربون بها لكل سفر وغزو وتجارة .
وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير في قوله { وأن تستقسموا بالإزلام } قال : القداح ، كانوا إذا أرادوا أن يخرجوا في سفر جعلوا قداحاً للخروج وللجلوس ، فإن وقع الخروج خرجوا ، وإن وقع الجلوس جلسوا .
وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير في قوله { وأن تستقسموا بالإزلام } قال : حصى بيض كانوا يضربون بها .
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن الحسن في الآية قال : كانوا إذا أرادوا أمراً أو سفراً يعمدون إلى قداح ثلاثة ، على واحد منها مكتوب أمرني ، وعلى الآخر إنهني ، ويتركون الآخر محللاً ، بينهما ليس عليه شيء ، ثم يحيلونها ، فإن خرج الذي عليه مرني مضوا لأمرهم ، وإن خرج الذي عليه انهني كفوا ، وإن خرج الذي ليس عليه شيء أعادوها .
وأخرج الطبراني وابن مردويه عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « لن يلج الدرجات العلى من تكهَّن ، أو استقسم ، أو رجع من سفر تطيراً » .
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في قوله { اليوم يئس الذين كفروا من دينكم } قال : يئسوا أن ترجعوا إلى دينهم أبداً .
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس في قوله { اليوم يئس الذين كفروا من دينكم } يقول : يئس أهل مكة أن ترجعوا إلى دينهم ، عبادة الأوثان أبداً { فلا تخشوهم } في اتباع محمد { واخشونِ } في عبادة الأوثان وتكذيب محمد ، فلما كان واقفاً بعرفات نزل عليه جبريل وهو رافع يده والمسلمون يدعون الله { اليوم أكملت لكم دينكم } يقول : حلالكم وحرامكم ، فلم ينزل بعد هذا حلال ولا حرام { وأتممت عليكم نعمتي } قال : منتي فلم يحج معكم مشرك { ورضيت } يقول : واخترت { لكم الإسلام ديناً } مكث رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد نزول هذه الآية إحدى وثمانين يوماً ، ثم قبضه الله إليه .
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد في قوله { اليوم يئس الذين كفروا من دينكم . . . اليوم أكملت لكم دينكم } قال : هذا حين فعلت .
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج في قوله { فلا تخشوهم واخشون } قال : فلا تخشوهم أي يظهروا عليكم .
وأخرج مسلم عن جابر ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « إن الشيطان قد يئس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب ، ولكن في التحريش بينهم » .
وأخرج البيهقي في الشعب عن أبي هريرة وأبي سعيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إن الشيطان قد أيس أن بعبد بأرضكم هذه ، ولكنه راض منكم بما تحقرون » .
وأخرج البيهقي عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إن الشيطان قد يئس أن تعبد الأصنام بأرض العرب ، ولكن سيرضى منكم بدون ذلك بالمحقرات ، وهي الموبقات يوم القيامة ، فاتقوا المظالم ما استطعتم » .
أخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس قال : أخبر الله نبيه والمؤمنين أنه قد أكمل لهم الإيمان ، فلا تحتاجون إلى زيادة أبداً ، وقد أتمه فلا ينقص أبداً ، وقد رضيه فلا يسخطه .
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله { اليوم أكملت لكم دينكم } قال : أخلص الله لهم دينهم ، ونفى المشركين عن البيت ، قال : وبلغنا أنها أنزلت يوم عرفة ، ووافقت يوم جمعة .
وأخرج ابن جرير عن قتادة في قوله { اليوم أكملت لكم دينكم } قال : ذكر لنا أن هذه الآية نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عرفة ، يوم جمعة حين نفى الله المشركين عن المسجد الحرام ، وأخلص للمسلمين حجهم .
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس قال : كان المشركون والمسلمون يحجون جميعاً ، فلما نزلت براءة فنفي المشركون عن البيت الحرام ، وحج المسلمون لا يشاركهم في البيت الحرام أحد من المشركين ، فكان ذلك من تمام النعمة ، وهو قوله { اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي } .
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن سعيد بن جبير في قوله { اليوم أكملت لكم دينكم } قال : تمام الحج ، ونفي المشركين عن البيت .
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن الشعبي قال : نزلت هذه الآية { اليوم أكملت لكم دينكم } على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو واقف بعرفات ، وقد أطاف به الناس ، وتهدمت منار الجاهلية ومناسكهم ، واضمحل الشرك ، ولم يطف بالبيت عريان ، ولم يحج معه في ذلك العام مشرك ، فأنزل الله { اليوم أكملت لكم دينكم } .
وأخرج عبد بن حميد عن الشعبي قال : نزل على النبي صلى الله عليه وسلم هذه الآية وهو بعرفة { اليوم أكملت لكم دينكم } وكان إذا أعجبته آيات جعلهن صدر السورة ، قال : « وكان جبريل يعلم كيف ينسك » .
وأخرج الحميدي وأحمد وعبد بن حميد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن حبان والبيهقي في سننه عن طارق بن شهاب قال « قالت اليهود لعمر : إنكم تقرأون آية في كتابكم ، لو علينا معشر اليهود نزلت لاتّخذنا ذلك اليوم عيداً . قال : وأي آية ؟ قالوا { اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي } قال عمر : والله إني لأعلم اليوم الذي نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه ، والساعة التي نزلت فيها ، نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم عشية عرفة ، في يوم جمعة » .
وأخرج اسحق بن راهويه في مسنده وعبد بن حميد عن أبي العالية قال : كانوا عند عمر فذكروا هذه الآية ، فقال رجل من أهل الكتاب : لو علمنا أي يوم نزلت هذه الآية لاتخذناه عيداً . فقال عمر : الحمد لله الذي جعله لنا عيداً ، واليوم الثاني نزلت يوم عرفة ، واليوم الثاني يوم النحر ، فأكمل لنا الأمر ، فعلمنا أن الأمر بعد ذلك في انتقاص .
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير عن عنترة قال : لما نزلت { اليوم أكملت لكم دينكم } وذلك يوم الحج الأكبر بكى عمر ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم » ما يبكيك ؟ ! قال : أبكاني أنا كنا في زيادة من ديننا ، فأما إذ كمل فإنه لم يكمل شيء قط إلا نقص . فقال : صدقت » .
وأخرج ابن جرير عن قبيصة بن أبي ذؤيب قال : قال كعب : لو أن غير هذه الأمة نزلت عليهم هذه الآية لنظروا اليوم الذي أنزلت فيه عليهم فاتخذوه عيداً يجتمعون فيه ، فقال عمر : وأي آية يا كعب ؟ فقال { اليوم أكملت لكم دينكم } فقال عمر : لقد علمت اليوم الذي أنزلت ، والمكان الذي نزلت فيه ، نزلت في يوم جمعة ، ويوم عرفة ، وكلاهما بحمد الله لنا عيد .
وأخرج الطيالسي وعبد بن حميد والترمذي وحسنه وابن جرير والطبراني والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس أنه قرأ هذه الآية { اليوم أكملت لكم دينكم } فقال يهودي : لو نزلت هذه الآية علينا لاتخذنا يومها عيداً . فقال ابن عباس : فإنها نزلت في يوم عيدين اثنين : في يوم جمعة ، يوم عرفة .
وأخرج ابن جرير ، عن عيسى بن حارثة الأنصاري ، قال : كنا جلوساً في الديوان فقال لنا نصراني : يا أهل الإسلام ، لقد أنزلت عليكم آية لو أنزلت علينا لاتخذنا ذلك اليوم وتلك الساعة عيداً ، ما بقي منا اثنان { اليوم أكملت لكم دينكم } فلم يجبه أحد منا ، فلقيت محمد بن كعب القرظي فسألته عن ذلك ، فقال : ألا رددتم عليه ؟ فقال : قال عمر بن الخطاب : أنزلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو واقف على الجبل يوم عرفة ، فلا يزال ذلك اليوم عيداً للمسلمين ما بقي منهم أحد .
وأخرج ابن جرير عن داود قال : قلت لعامر الشعبي إن اليهود تقول كيف لم تحفظ العرب هذا اليوم الذي أكمل الله لها دينها فيه ؟ فقال عامر : أو ما حفظته ؟ . قلت له : فأي يوم هو ؟ قال : يوم عرفة ، أنزل الله في يوم عرفة .
وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن علي قال : أنزلت هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو قائم عشية عرفة { اليوم أكملت لكم دينكم } .
وأخرج ابن جرير والطبراني عن عمرو بن قيس السكوني . أنه سمع معاوية بن أبي سفيان على المنبر ينزع بهذه الآية { اليوم أكملت لكم دينكم } حتى ختمها . فقال : نزلت في يوم عرفة في يوم جمعة .
وأخرج البزار والطبراني وابن مردويه عن سمرة قال : نزلت هذه الآية { اليوم أكملت لكم دينكم } على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو بعرفة واقف يوم الجمعة .
وأخرج البزار بسند صحيح عن ابن عباس قال : نزلت هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بعرفة { اليوم أكملت لكم دينكم } .
وأخرج ابن جرير بسند ضعيف عن ابن عباس قال : ولد نبيكم يوم الاثنين ، ونبأ يوم الاثنين ، وخرج من مكة يوم الاثنين ، ودخل المدينة يوم الاثنين ، وفتح مكة يوم الاثنين ، وأنزلت سورة المائدة يوم الاثنين { اليوم أكملت لكم دينكم } وتوفي يوم الاثنين .
وأخرج ابن مردويه وابن عساكر بسند ضعيف عن أبي سعيد الخدري قال « لما نصب رسول الله صلى الله عليه وسلم علياً يوم غدير خم فنادى له بالولاية ، هبط جبريل عليه بهذه الآية { اليوم أكملت لكم دينكم } » .
وأخرج ابن مردويه والخطيب وابن عساكر بسند ضعيف عن أبي هريرة قال : « لما كان يوم غدير خم وهو يوم ثماني عشر من ذي الحجة ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : " من كنت مولاه فعلي مولاه . فأنزل الله { اليوم أكملت لكم دينكم } " .
وأخرج ابن جرير عن السدي في قوله { اليوم أكملت لكم دينكم } قال : هذا نزل يوم عرفة ، فلم ينزل بعدها حرام ولا حلال ، ورجع رسول الله صلى الله عليه وسلم فمات ، فقالت أسماء بنت عميس : حججت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الحجة ، فبينما نحن نسير إذ تجلى له جبريل على الراحلة ، فلم تطق الراحلة من ثقل ما عليها من القرآن فبركت ، فأتيته فسجيت عليه برداً كان عليّ " .
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج قال : مكث النبي صلى الله عليه وسلم بعد ما نزلت هذه الآية إحدى وثمانين ليلة قوله { اليوم أكملت لكم دينكم } .
أما قوله تعالى : { ورضيت لكم الإسلام ديناً } .
أخرج ابن جرير عن قتادة قال « ذكر لنا أنه يمثل لأهل كل دين دينهم يوم القيامة ، فأما الإيمان فيبشر أصحابه وأهله ويعدهم إلى الخير حتى يجيء الإسلام فيقول : رب أنت السلام وأنا الإسلام ، فيقول : إياك اليوم أقبل وبك اليوم أجزي » .
وأخرج أحمد عن علقمة بن عبد الله المزني قال : حدثني رجل قال : كنت في مجلس عمر بن الخطاب فقال عمر لرجل من القوم : كيف سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينعت الإسلام ؟ قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول « إن الإسلام بدأ جذعاً ، ثم ثنياً ، ثم رباعياً ، ثم سدسياً ، ثم بازلاً » قال عمر : فما بعد البزول إلا النقصان .
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله { فمن اضطر } يعني إلى ما حرم مما سمي في صدر هذه السورة { في مخمصة } يعني مجاعة { غير متجانف لإثم } يقول : غير معتدٍ لإثم .
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله { في مخمصة } قال : في مجاعة وجهد . قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم ، أما سمعت الأعشى وهو يقول :
تبيتون في المشتى ملاء بطونكم *** وجاراتكم غرتي يبتن خمائصا
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة في قوله { فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لإثم } قال : في مجاعة غير متعرض لإثم .
وأخرج ابن جرير عن مجاهد في الآية قال : رخص للمضطر إذا كان غير متعمد لإثم أن يأكله من جهد ، فمن بغى ، أو عدا ، أو خرج في معصية الله ، فإنه محرم عليه أن يأكله .
وأخرج أحمد والحاكم وصححه عن أبي واقد الليثي أنهم قالوا " يا رسول الله ، إنا بأرض تصيبنا بها المخمصة فمتى تحل لنا الميتة ؟ قال : إذا لم تصطبحوا ، ولم تغتبقوا ، ولم تحتفئوا بقلاً ، فشأنكم بها « » .
وأخرج ابن سعد وأبو داود عن الفجيع العامري . أنه قال « يا رسول الله ، ما يحل لنا من الميتة ؟ فقال : ما طعامكم ؟ قلنا : نغتبق ونصطبح . قال عقبة : قدح غدوة ، وقدح عشية . قال : ذاك . وأبى الجوع ، وأحل لهم الميتة على هذه الحال » .
وأخرج الحاكم وصححه عن سمرة بن جندب ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال « إذا رويت أهلك من اللبن غبوقاً فاجتنب ما نهى الله عنه من ميتة » .