الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{ٱلَّذِي خَلَقَ سَبۡعَ سَمَٰوَٰتٖ طِبَاقٗاۖ مَّا تَرَىٰ فِي خَلۡقِ ٱلرَّحۡمَٰنِ مِن تَفَٰوُتٖۖ فَٱرۡجِعِ ٱلۡبَصَرَ هَلۡ تَرَىٰ مِن فُطُورٖ} (3)

}الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقاً } طبقا على طبق ، بعضها فوق بعض ، يقال : أطبقت الشيء إذا وضعت بعضه فوق بعض .

قال أبان بن تغلب : سمعت بعض الأعراب يذمّ رجلا فقال : شرّه طباق ، وخيره غير باق .

قال سيبويه : ونصب طباقاً لأنّه مفعول ثان .

{ مَّا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِن تَفَاوُتٍ } قرأ يحيى بن ثابت والأعمش وحمزة والكسائي : من تفوّت بغير ألف ، وهي اختيار أبي عبيد وقراءة عبد اللّه وأصحابه .

أخبرنا عبد اللّه بن حامد الورّاق ، أخبرنا مكي بن عبدان ، حدّثنا عبد اللّه بن هاشم ، حدّثنا يحيى بن سعيد القّطان عن سفيان عن الأعمش عن إبراهيم عن إبراهيم عن علقمة عن عبد اللّه أنّه كان يقرأ : من تفوّت .

قال الأعمش : فذُكرتْ لأبي رزين فقال : لقد سمعتها من عبد اللّه فيما قبلتها وأخذتها ، وقرأ تفاوت ، وهي قراءة الباقين واختيار أبي حاتم ، وهما لغتان مثل التّعهد والتّعاهد ، والتحمّل والتحامل ، والتطّهر والتطاهر . ومعناه : ماترى في خلق الرحمن من اعوجاج واختلاف وتناقض وتباين ، بل هي مستوية مستقيمة ، وأصله من الفوت ، وهي أَنْ يفوت بعضها بعضاً لقلّة استوائها ، يدلّ عليه قول ابن عبّاس : من تفرق .

{ فَارْجِعِ } فَردّ { الْبَصَرَ } قال الفراء : إنّما قال فارجع وليس قبله فعل مذكور ، فيكون الرجوع على ذلك الفعل ؛ لأَنّ مجاز الكلام : أُنظر ثمّ ارجع البصر .

{ هَلْ تَرَى مِن فُطُورٍ } فتوق وشقوق وخروق .

الضحّاك : اختلاف وشطور ، عطية : عيب ، ابن كيسان : تباعد ، القرظي : قروح ، أَبُو عبيدة : صدوع ، قال عبيد اللّه بن عبد اللّه بن عتبة بن مسعود :

شققت القلب ثم ذررت فيه *** هواك فليم فالتأم الفطورُ

وقال آخر :

تغلغل حيث لم يبلغ شراب *** ولا سُكر ولم يبلغ سرور

وقال آخر :

بنى لكمُ بلا عمد سماءً *** وزيّنها فما فيها فطور