جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{ٱلَّذِي خَلَقَ سَبۡعَ سَمَٰوَٰتٖ طِبَاقٗاۖ مَّا تَرَىٰ فِي خَلۡقِ ٱلرَّحۡمَٰنِ مِن تَفَٰوُتٖۖ فَٱرۡجِعِ ٱلۡبَصَرَ هَلۡ تَرَىٰ مِن فُطُورٖ} (3)

القول في تأويل قوله تعالى : { الّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقاً مّا تَرَىَ فِي خَلْقِ الرّحْمََنِ مِن تَفَاوُتِ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَىَ مِن فُطُورٍ * ثُمّ ارجِعِ البَصَرَ كَرّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ البَصَرُ خَاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ } .

يقول تعالى ذكره : مخبرا عن صفته الّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِباقا ، طبقا فوق طبق ، بعضها فوق بعض .

وقوله : ما تَرَى في خَلْقِ الرّحْمَنِ مِنْ تَفاوُت يقول جلّ ثناؤه : ما ترى في خلق الرحمن الذي خلق لا في سماء ولا في أرض ، ولا في غير ذلك من تفاوت ، يعني من اختلاف . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : ما تَرَى فِي خَلْقِ الرّحْمَنِ مِنْ تَفاوُتٍ : ما ترى فيهم من اختلاف .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله منْ تَفَاوُتٍ قال : من اختلاف .

واختلفت القرّاء في قراءة ذلك ، فقرأته عامة قرّاء المدينة والبصرة وبعض الكوفيين : مِنْ تَفاوُتٍ بألف . وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة : «مِنْ تَفَوّتٍ » بتشديد الواو بغير ألف .

والصواب من القول في ذلك أنهما قراءتان معروفتان بمعنى واحد ، كما قيل : ولا تُصَاعِرْ ، ولا تُصَعّر ، وتعهّدت فلانا ، وتعاهدته ، وتظهّرت ، وتظاهرت ، وكذلك التفاوت والتفوّت .

وقوله : فارّجِعِ البَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ ، يقول : فرد البصر ، هل ترى فيه من صُدوع ؟ وهي من قول الله : تَكادُ السّمَوَاتُ يَتَفَطّرْنَ مِن فَوْقِهِن بمعنى يتشققن ويتصدّعْنَ ، والفُطُور مصدر فُطِر فطُورا . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ قال : الفطور : الوَهْيُ ،

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : هَلْ تَرَى مِنْ فُطُور ، يقول : هل ترى من خلل يا ابن آدم .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة مِنْ فُطُورٍ قال : من خلل .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ قال : من شقوق .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{ٱلَّذِي خَلَقَ سَبۡعَ سَمَٰوَٰتٖ طِبَاقٗاۖ مَّا تَرَىٰ فِي خَلۡقِ ٱلرَّحۡمَٰنِ مِن تَفَٰوُتٖۖ فَٱرۡجِعِ ٱلۡبَصَرَ هَلۡ تَرَىٰ مِن فُطُورٖ} (3)

الذي خلق سبع سموات طباقا : مطابقة بعضها فوق بعض ، مصدر طابقت النعل إذا خلطتها طبقا على طبق وصف به أو طوبقت طباقا أو ذات طباق جمع طبق كجبل وجبال أو طبقة كرحبة ورحاب . ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت ، وقرأ حمزة والكسائي من تفوت ، ومعناهما واحد كالتعاهد والتعهد وهو الاختلاف وعدم التناسب من الفوت ، كأن كلا من المتفاوتين فات عنه بعض ما في الآخر . والجملة صفة ثانية ل سبع وضع فيها خلق الرحمن موضع الضمير للتعظيم والإشعار بأنه تعالى يخلق مثل ذلك بقدرته الباهرة رحمة وتفضلا ، وأن في إبداعها نعما جليلة لا تحصى ، والخطاب فيها للرسول أو لكل مخاطب . وقوله : فارجع البصر هل ترى من فطور ، متعلق به على معنى التسبب ، أي قد نظرت إليها مرارا فانظر إليها مرة أخرى متأملا فيها لتعاين ما أخبرت به من تناسبها واستقامتها واستجماعها ما ينبغي لها ، والفطور الشقوق ، والمراد الخلل من فطره إذا شقه .