فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{ٱلَّذِي خَلَقَ سَبۡعَ سَمَٰوَٰتٖ طِبَاقٗاۖ مَّا تَرَىٰ فِي خَلۡقِ ٱلرَّحۡمَٰنِ مِن تَفَٰوُتٖۖ فَٱرۡجِعِ ٱلۡبَصَرَ هَلۡ تَرَىٰ مِن فُطُورٖ} (3)

{ الذي } نعت لما قبله أو بيان له أو بدل منه أو خبر مبتدأ محذوف أو نصب على المدح { خلق سبع سموات } قيل : الأولى من كذا والثانية من كذا إلى السابعة ، ولم أقف على دليله من الكتاب العزيز والسنة المطهرة .

{ طباقا } أي مطبقا بعضها فوق بعض كل سماء مقببة على الأخرى ، وسماء الدنيا كالقبة على الأرض ، وهو جمع طبق نحو جبل وجبال ، أو جمع طبقة نحو رحبة ورحاب ، أو مصدر طابق يقال طابق مطابقة وطباقا ، وعلى هذا الوصف بالمصدر للمبالغة أو على حذف مضاف أي ذات طباق أو طوبقت طباقا ، قال البقاعي : طباق بحيث يكون كل جزء منها مطابقا للجزء من الأخرى ، ولا يكون جزء منها خارجا عن ذلك .

{ ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت } صفة ثانية لسبع سموات أو مستأنفة لتقرير ما قبلها ، والخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم أو لكل من يصلح له و " من " مزيدة لتأكيد النفي وإضافة خلق الرحمن من إضافة المصدر إلى فاعله والمفعول محذوف تقديره لهن أو لغيرهن .

قرأ الجمهور من تفاوت وقرئ تفوت مشددا بدون ألف ، وهما لغتان كالتعاهد والتعهد والتحامل والتحمل ، والمعنى من تناقض ولا تباين ولا اعوجاج ولا تخالف ، بل هي مستقيمة دالة على خالقها وإن اختلفت صورها وصفاتها فقد اتفقت من هذه الحيثية ، وقال ابن عباس : من تشقق وقيل من اضطراب وقيل من عيب ، وحقيقة التفاوت عدم التناسب كأن بعض الشيء يفوت بعضا .

{ فارجع البصر } أي اردد طرفك حتى يتضح لك ذلك بالمعاينة ، أخبر أولا بأنه لا تفاوت في خلقه ، ثم أمر ثانيا بترديد البصر في ذلك لزيادة التأكيد وحصول الطمأنينة .

{ هل ترى من فطور } قال مجاهد : والضحاك الفطور الصدوع والشقوق ، جمع فطر وهو الشق ، وقال قتادة : هل ترى من خلل ، وقال السدي : من خروق ، وأصله من التفطر والانفطار هو التشقق والانشقاق ، وعن ابن عباس قال : الفطور الوهي ، وعنه قال : من تشقق وخلل .