الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{ٱلَّذِي خَلَقَ سَبۡعَ سَمَٰوَٰتٖ طِبَاقٗاۖ مَّا تَرَىٰ فِي خَلۡقِ ٱلرَّحۡمَٰنِ مِن تَفَٰوُتٖۖ فَٱرۡجِعِ ٱلۡبَصَرَ هَلۡ تَرَىٰ مِن فُطُورٖ} (3)

{ طِبَاقاً } مطابقة بعضها فوق بعض ، من طابق النعل : إذا خصفها طبقاً على طبق ، وهذا وصف بالمصدر . أو على ذات طباق ، أو على : طوبقت طباقاً { مِن تفاوت } وقرىء : «من تفوت » ، ومعنى البناءين واحد ، كقولهم : تظاهروا من نسائهم . وتظهروا . وتعاهدته وتعهدته ، أي : من اختلاف واضطراب في الخلقة ولا تناقض ؛ إنما هي مستوية مستقيمة .

وحقيقة التفاوت : عدم التناسب ، كأن بعض الشيء يفوت بعضاً ولا يلائمه . ومنه قولهم : خلق متفاوت . وفي نقيضه : متناصف .

فإن قلت : كيف موقع هذه الجملة مما قبلها ؟ قلت : هي صفة مشايعة لقوله : { طِبَاقاً } وأصلها : ما ترى فيهنّ من تفاوت ، فوضع مكان الضمير قوله : { خَلْقِ الرحمن } تعظيماً لخلقهنّ ، وتنبيهاً على سبب سلامتهنّ من التفاوت : وهو أنه خلق الرحمن ، وأنه بباهر قدرته هو الذي يخلق مثل ذلك الخلق المتناسب ، والخطاب في ما ترى للرسول أو لكل مخاطب . وقوله تعالى : { فارجع البصر } متعلق به على معنى التسبيب ؛ أخبره بأنه لا تفاوت في خلقهنّ ، ثم قال : { فارجع البصر } حتى يصح عندك ما أخبرت به بالمعاينة ، ولا تبقى معك شبهة فيه ، { هَلْ ترى مِن فُطُورٍ } من صدوع وشقوق : جمع فطر وهو الشق . يقال : فطره فانفطر . ومنه : فطر ناب البعير ، كما يقال : شق وبزل . ومعناه : شق اللحم فطلع .