وانتصب { طباقاً } على الوصف السبع ، فإما أن يكون مصدر طابق مطابقة وطباقاً لقولهم : النعل خصفها طبقاً على طبق ، وصف به على سبيل المبالغة ، أو على حذف مضاف ، أي ذا طباق ؛ وإما جمع طبق كجمل وجمال ، أو جمع طبقة كرحبة ورحاب ، والمعنى : بعضها فوق بعض .
فالأولى من موج مكفوف ، والثانية من درّة بيضاء ، والثالثة من حديد ، والرابعة من نحاس ، والخامسة من فضة ، والسادسة من ذهب ، والسابعة من زمردة بيضاء يحتاج إلى نقل صحيح ، وقد كان بعض من ينتمي إلى الصلاح ، وكان أعمى لا يبصر موضع قدمه ، يخبر أنه يشاهد السموات على بعض أوصاف مما ذكرنا .
{ من تفاوت } ، قال ابن عباس : من تفرّق .
وقال عطاء بن يسار : من عدم استواء .
وقال ثعلب : أصله من الفوت ، وهو أن يفوت شيء شيئاً من الخلل .
وقيل : من عدم التناسب والتفاوت ، تجاوز الحد الذي تجب له زيادة أو نقص .
تناسبت الأعضاء فيه فلا ترى *** بهن اختلافاً بل أتين على قدر
وقرأ الجمهور : { من تفاوت } ، بألف مصدر تفاوت ؛ وعبد الله وعلقمة والأسود وابن جبير وطلحة والأعمش : بشدّ الواو ، مصدر تفوّت .
وحكى أبو زيد عن العربي : تفاوتاً بضم الواو وفتحها وكسرها ، والفتح والكسر شاذان .
والظاهر عموم خلق الرحمن من الأفلاك وغيرها ، فإنه لا تفوت فيه ولا فطور ، بل كل جار على الإتقان .
وقيل : المراد في { خلق الرحمن } السموات فقط ، والظاهر أن قوله تعالى : { ما ترى } استئناف أنه لا يدرك في خلقه تعالى تفاوت ، وجعل الزمخشري هذه الجملة صفة متابعة لقوله : { طباقاً } ، أصلها ما ترى فيهن من تفاوت ، فوضع مكان الضمير قوله : { خلق الرحمن } تعظيماً لخلقهن وتنبيهاً على سبب سلامتهن من التفاوت ، وهو أنه خلق الرحمن ، وأنه بباهر قدرته هو الذي يخلق مثل ذلك الخلق المناسب . انتهى .
والخطاب في ترى لكل مخاطب ، أو للرسول صلى الله عليه وسلم .
ولما أخبر تعالى أنه لا تفاوت في خلقه ، أمر بترديد البصر في الخلق المناسب فقال : { فارجع } ، ففي الفاء معنى التسبب ، والمعنى : أن العيان يطابق الخبر .
و { الفطور } ، قال مجاهد : الشقوق ، فطر ناب البعير : شق اللحم وظهر ، قال الشاعر :
بنى لكم بلا عمد سماء *** وسوّاها فما فيها فطور
وقال أبو عبيدة : صدوع ، وأنشد قول عبيد بن مسعود :
شققت القلب ثم رددت فيه *** هواك فليط فالتأم الفطور
وقال قتادة : خلل ، ومنه التفطير والانفطار .
وقال ابن عباس : وهن وهذه تفاسير متقاربة ، والجملة من قوله : { هل ترى من فطور } في موضع نصب بفعل معلق محذوف ، أي فانظر هل ترى ، أو ضمن معنى { فارجع البصر } معنى فانظر ببصرك هل ترى ؟ فيكون معلقاً .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.