فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{ٱلَّذِي خَلَقَ سَبۡعَ سَمَٰوَٰتٖ طِبَاقٗاۖ مَّا تَرَىٰ فِي خَلۡقِ ٱلرَّحۡمَٰنِ مِن تَفَٰوُتٖۖ فَٱرۡجِعِ ٱلۡبَصَرَ هَلۡ تَرَىٰ مِن فُطُورٖ} (3)

{ الذي خَلَقَ سَبْعَ سموات طِبَاقاً } الموصول يجوز أن يكون تابعاً للعزيز ، الغفور نعتاً أو بياناً أو بدلاً ، وأن يكون منقطعاً عنه على أنه خبر مبتدأ محذوف ، أو منصوب على المدح ، و{ طباقاً } صفة لسبع سموات : أي بعضها فوق بعض ، وهو جمع طبق نحو جبل وجبال ، أو جمع طبقة نحو رحبة ورحاب ، أو مصدر طابق ، يقال : طابق مطابقة وطباقاً ، ويكون على هذا الوجه الوصف بالمصدر للمبالغة أو على حذف مضاف : أي ذات طباق ، ويجوز أن يكون منتصباً على المصدرية بفعل محذوف : أي طوبقت طباقاً { مَّا ترى فِي خَلْقِ الرحمن مِن تفاوت } هذه الجملة صفة ثانية لسبع سموات ، أو مستأنفة لتقرير ما قبلها ، والخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، أو لكل من يصلح له ، و«من » مزيدة لتأكيد النفي . قرأ الجمهور : { مِنْ تَفَاوُتٍ } . وقرأ ابن مسعود وأصحابه وحمزة ، والكسائي : «تَفَوُّتٍ » مشدّداً بدون ألف وهما لغتان . كالتعاهد والتعهد ، والتحامل والتحمل ، والمعنى على القراءتين . ما ترى في خلق الرحمن من تناقض ولا تباين ، ولا اعوجاج ولا تخالف ، بل هي مستوية مستقيمة دالة على خالقها ، وإن اختلفت صورها وصفاتها ، فقد اتفقت من هذه الحيثية { فارجع البصر هَلْ ترى مِن فُطُورٍ } الفطور : الشقوق والصدوع والخروق : أي اردد طرفك حتى يتضح لك ذلك بالمعاينة . أخبر أوّلاً بأنه لا تفاوت في خلقه ، ثم أمر ثانياً بترديد البصر في ذلك لزيادة التأكيد وحصول الطمأنينة . قال مجاهد والضحاك : الفطور : الشقوق جمع فطر وهو الشق . وقال قتادة : هل ترى من خلل ؟ وقال السديّ : هل ترى من خروق ، وأصله من التفطر والانفطار ، وهو التشقق والانشقاق ، ومنه قول الشاعر :

بنى لكم بلا عمد سماء *** وزينها فما فيها فطور

وقول الآخر :

شققت القلب ثم رددت فيه *** هواك فليم فالتام الفطور

/خ11