التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{۞أَلَمۡ يَأۡنِ لِلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَن تَخۡشَعَ قُلُوبُهُمۡ لِذِكۡرِ ٱللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ ٱلۡحَقِّ وَلَا يَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ مِن قَبۡلُ فَطَالَ عَلَيۡهِمُ ٱلۡأَمَدُ فَقَسَتۡ قُلُوبُهُمۡۖ وَكَثِيرٞ مِّنۡهُمۡ فَٰسِقُونَ} (16)

وبعد هذا الحديث المؤثر عن المؤمنين ونورهم ، وعن المنافقين وظلماتهم وعن تلك المحاورات التى تدور بينهم . . . بعد كل ذلك حرض - سبحانه - المؤمنين ، على أن يروضوا أنفسهم على خشية الله - تعلاى - وحذرهم من أن ينهجوا نهج أهل الكتاب فى قسوة القلب ، ووعدم - سبحانه - المؤمنين الصادقين بالأجر الجزيل ، وبالنور العظيم ، فقال - تعالى - : { أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ . . . } .

الاستفهام فى قوله - تعالى - : { أَلَمْ يَأْنِ } للتقرير ، و " يأن " فعل مضارع ، يقال : أنى الشىء - كرمى - أنيا وأناء - بالفتح - وإِنى - بالكسر - إذا حان أناه ، أى : وقته ، فهو فعل معتل حذفت منه الياء لسبقه بلم الجازمة ، ومنه قوله - تعالى - : { ياأيها الذين آمَنُواْ لاَ تَدْخُلُواْ بُيُوتَ النبي إِلاَّ أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إلى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ } أى غير ناظرين حلول وقته .

والخطاب فى الآية يحتمل أن يكون من باب العتبا لطائفة من المؤمنين ، أصابهم بعض الفتور أو التكاسل ، فيما أمروا به من الاجتهاد فى طاعة الله - تعالى - بعد أن فتح الله - تعالى لهم أقطار الأرض ورزقهم بالكثير من لين العيش ، وخيرات الدنيا .

ويؤيد هذا ما أخرجه ابن المبارك ، وبعد الرازق ، وابن المنذر عن الأعمش قال : لما قدم أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة ، فأصابوا من لين العيس ما اصابوا . بعد أن كان لهم من الجهد - وشظف العيش فكأنهم فتروا عن بعض ما كانوا عليه ، فعوتبوا على ذلك فنزلت هذه الآية .

ويحتمل أن يكون الخطاب فى الآية لجميع المؤمنين ، لعى سبيل الحض على المداومة على طاعة الله - تعالى - ، والتحذير من التقصير .

قال الآلوسى ما ملخصه : قوله - تعالى - : { أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمنوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ الله } .

استئناف لعتاب المؤمنين على الفتور والتكاسل فيما ندبوا إليه ، والمعاتب - على ما قاله الزجاج - طائفة منهم ، وغلا فإن من المؤمنين من لم يزل خاشعا منذ أن أسلم إلى أن لقى ربه .

والخشوع : التذلل والخضوع ، واللام فى قوله { لِذِكْرِ الله } للتعليل ، والمراد بذكرالله - تعالى - : ما يشمل كل قول أو فعل يؤدى إلى الخوف من الله - تعالى - بحيث يظهر أثر ذلك على الجوارح .

وقيل : المراد به : القرآن الكريم ، فيكون قوله - تعالى - بعد ذلك { وَمَا نَزَلَ مِنَ الحق } من باب عطف الشىء على نفسه ، لاختلاف اللفظين ، كما فى قوله - تعالى - : { سَبِّحِ اسم رَبِّكَ الأعلى الذي خَلَقَ فسوى والذي قَدَّرَ فهدى } والمعنى : لقد آن الأوان أن تخشع قلوب المؤمنين لذكر الله - تعالى - وأن تلين قلوبهم لما أنزله - سبحانه - على نبيه - صلى الله عليه وسلم - من قرآن ، تقشعر منه جلود الذين يخافون ربهم ، وترق له مشاعرهم ونفوسهم .

وبعد هذا التحريض للمؤمنين على المسارعة فى طاعة الله - تعالى - وخشيته والإكثار من ذكره : نهاهم - سبحانه - عن التشبه بأهل الكتاب ، الذين طال عليهم الأمد فى الانغماس فى شهوات الدنيا فقست قلوبهم فقال - تعالى - { وَلاَ يَكُونُواْ كالذين أُوتُواْ الكتاب مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأمد فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ } .

والمراد بالذين أوتوا الكتاب : اليهود والنصارى ، وبالكتاب : التوراة والإنجيل .

والجملة الكريمة معطوفة على قوله - تعالى - : { تَخْشَعَ } والأمد : الغاية من زمان أو مكان . والمراد به هنا : الزمان الطويل .

أى : لقد آن الأوان أن تخشع قلوب الذين آمنوا لذكر الله وما نزل من الحق ، وآن الأوان - أيضا - أن لا يكونوا كالذين أوتثوا الكتاب من قبلهم ، حيث طال عليهم الوقت وهم منغمسون فى الشهوات والملذات ، فقست قلوبهم ، وصارت لا تتأثر لا بالترغيب ولا بالترهيب ، ولا تفرق بين الحرام والحلال . وأصبح كثير منهم خارجين عن الصراط المستقيم .

فأنت ترى الآية الكريمة قد حضت المؤمنين على الركون إلى ذكر الله - تعالى - بشدة ومداومة . . . ونهتهم عن التشبه بأهل الكتاب فى عدم الخشوع وفى قسوة القلوب ، بسبب استيلاء المطامع والشهوات على قلوبهم .

قال صاحب الكشاف ما ملخصه : قوله - تعالى - : { أَلَمْ يَأْنِ } من أنى الأمر إذا جاء أناه أى : وقته . . والآية نهى للمؤمنين عن مماثلة أهل الكتاب فى قسوة القلوب ، وذلك أن بنى إسرائيل ، كان الحق يحول بينهم وبين شهواتهم ، وإذا سمعوا التوراة والإنجيل خشعوا روقت قلبوهم ، فلما طال عليهم الزمان ، غلبهم الجفاء والقسوة ، واختلفوا وأحدثوا ما أحدثوا من التحريف وغيره .

فإن قلت : ما معنى لذكر الله وما نزل من الحق ؟ قلت : يجوز أن يراد بالذكر وبما نزل من الحق القرآن ، لأنه جامع للأمرين : الذكر والموعظة وأنه حق نازل من السماء .

وأن يراد خشوعها إذا ذكر الله . وإذا تلى القرآن ، كقوله - تعالى - : { إِنَّمَا المؤمنون الذين إِذَا ذُكِرَ الله وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً } والآية الكريمة تشير إلى أن الإهمال لذكر الله ، والاسترسال فى الشهوات كل ذلك يؤدى إلى قسوة القلوب وإلى الفسوق عن أمر الله - تعالى - .

ولذا وجدنا كثيرا من الآيات القرآنية ، والأحاديث النبوية ، تحض على الإكثار من ذكر الله - تعالى - قال - سبحانه - : { والذاكرين الله كَثِيراً والذاكرات أَعَدَّ الله لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً } وفى الحديث الشريف : يقول - صلى الله عليه وسلم - : " لا يقعد قوم يذكرون الله - تعالى - إلا حفتهم الملائكة ، وغشيتهم الرحمة ، ونزلت عليهم السكينة ، وذكرهم فيمن عنده " .

ولقد كان سماع الآية الكريمة ، بتدبر وتفكر وخشوع ، على رأس الأسباب التى أدت إلى توبة بعض العصاة توبة صادقة نصوحا .

فهذا هو الفضل بن عياض يذهب ليلا لارتكاب ما نهى الله عنه ، فيسمع قارئا يقرأ هذه الآية ، فيرتجف ويعود أدراجه وهو يقول : بلى والله قد آن أوان الخشوع لذكر الله .

اللهم إنى تبت إليك ، وجعلت توبتى إليك جوار بيتك الحرام .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{۞أَلَمۡ يَأۡنِ لِلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَن تَخۡشَعَ قُلُوبُهُمۡ لِذِكۡرِ ٱللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ ٱلۡحَقِّ وَلَا يَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ مِن قَبۡلُ فَطَالَ عَلَيۡهِمُ ٱلۡأَمَدُ فَقَسَتۡ قُلُوبُهُمۡۖ وَكَثِيرٞ مِّنۡهُمۡ فَٰسِقُونَ} (16)

يقول الله تعالى : أما آن للمؤمنين أن تخشع قلوبهم لذكر الله ، أي : تلين عند الذكر والموعظة وسماع القرآن ، فتفهمه وتنقادُ له وتسمع له وتطيعه .

قال عبد الله بن المبارك : حدثنا صالح المُرِّي ، عن قتادة ، عن ابن عباس أنه قال : إن الله استبطأ قلوب المهاجرين فعاتبهم على رأس ثلاث عشرة من نزول القرآن ، فقال : { أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ } الآية ، رواه ابن أبي حاتم ، عن الحسن بن محمد بن الصباح ، عن حسين المروزي ، عن ابن المبارك ، به .

ثم قال هو ومسلم : حدثنا يونس بن عبد الأعلى ، أخبرنا ابن وهب ، أخبرني عمرو بن الحارث ، عن سعيد بن أبي هلال - يعني الليث - عن عون بن عبد الله ، عن أبيه ، عن ابن مسعود ، رضي الله عنه ، قال : ما كان بين إسلامنا وبين أن عاتبنا الله بهذه الآية { أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ } [ الآية ]{[28264]} إلا أربع سنين{[28265]}

كذا رواه مسلم في آخر الكتاب . وأخرجه النسائي عند تفسير هذه الآية ، عن هارون بن سعيد الأيلي ، عن ابن وهب ، به{[28266]} وقد رواه ابن ماجة من حديث موسى بن يعقوب الزمعي{[28267]} عن أبي حزم ، عن عامر بن عبد الله بن الزبير ، عن أبيه ، مثله{[28268]} فجعله من مسند بن الزبير . لكن رواه البزار في مسنده من طريق موسى بن يعقوب ، عن أبي حازم ، عن عامر ، عن بن الزبير ، عن ابن مسعود ، فذكره{[28269]}

وقال سفيان الثوري ، عن المسعودي ، عن القاسم قال : مَلَّ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ملة ، فقالوا : حدثنا يا رسول الله . فأنزل الله تعالى : { نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ } [ يوسف : 3 ] قال : ثم ملوا ملة فقالوا : حدثنا يا رسول الله ، فأنزل الله تعالى : { اللَّهُ نزلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ } [ الزمر : 23 ] . ثم ملوا ملة فقالوا : حدثنا يا رسول الله . فأنزل الله : { أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ } {[28270]}

وقال قتادة : { أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ } ذُكِرَ لنا أن شداد بن أوس كان يروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن أول ما يرفع{[28271]} من الناس الخشوع " {[28272]}

وقوله : { وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ } نهى الله المؤمنين أن يتشبهوا بالذين حملوا الكتاب قبلهم من اليهود والنصارى ، لما تطاول عليهم الأمد بدلوا كتاب الله الذي بأيديهم واشتروا به ثمنًا قليلا ونبذوه وراء ظهورهم ، وأقبلوا على الآراء المختلفة والأقوال المؤتفكة ، وقلدوا الرجال في دين الله ، واتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابًا من دون الله ، فعند ذلك قست قلوبهم ، فلا يقبلون موعظة ، ولا تلين قلوبهم بوعد ولا وعيد .

{ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ } أي : في الأعمال ، فقلوبهم فاسدة ، وأعمالهم باطلة . كما قال : { فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ } [ المائدة : 13 ] ، أي : فسدت قلوبهم فقست وصار من سجيتهم تحريف الكلم عن مواضعه ، وتركوا الأعمال التي أمروا بها ، وارتكبوا ما نهو عنه ؛ ولهذا نهى الله المؤمنين أن يتشبهوا بهم في شيء من الأمور الأصلية والفرعية .

وقد قال بن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا هشام بن عمار ، حدثنا شهاب بن خِراش ، حدثنا حجاج بن دينار ، عن منصور بن المعتمر ، عن الربيع بن أبي عَمِيلة الفزاري قال : حدثنا عبد الله بن مسعود حديثًا ما سمعت أعجب إليَّ منه ، إلا شيئًا من كتاب الله - أو : شيئًا قاله النبي صلى الله عليه وسلم - قال : " إن بني إسرائيل لما طال عليهم الأمد فقست قلوبهم اخترعوا كتابًا من عند أنفسهم ، استهوته قلوبهم واستحلته ألسنتهم{[28273]} واستلذته ، وكان الحق يحول بينهم وبين كثير من شهواتهم فقالوا : تعالوا ندع بني إسرائيل إلى كتابنا هذا ، فمن تابعنا عليه تركناه ، ومن كره أن يتابعنا{[28274]} قتلناه . ففعلوا ذلك ، وكان فيهم رجل فقيه ، فلما رأي ما يصنعون عَمَدَ إلى ما يعرف من كتاب الله فكتبه في شيء لطيف ، ثم أدرجه ، فجعله في قرن ثم علق ذلك القرن في عنقه ، فلما أكثروا القتل قال بعضهم لبعض : يا هؤلاء ، إنكم قد أفشيتم القتل في بني إسرائيل ، فادعوا فلانا فاعرضوا عليه كتابكم ، فإنه إن تابعكم فسيتابعكم بقية الناس ، وإن أبى فاقتلوه . فدعوا فلانًا ذلك الفقيه فقالوا : تؤمن بما في كتابنا ؟ قال : وما فيه ؟ اعرضوه عليَّ . فعرضوه عليه إلى آخره ، ثم قالوا : أتؤمن بهذا ؟ قال : نعم ، آمنت بما في هذا وأشار بيده إلى القرن - فتركوه ، فلما مات نبشوه فوجدوه مُتَعَلِّقًا{[28275]} ذلك القرن ، فوجدوا فيه ما يعرف من كتاب الله ، فقال بعضهم لبعض : يا هؤلاء ، ما كنا نسمع هذا أصابه فتنة . فافترقت بنو إسرائيل على ثنتين وسبعين ملة ، وخير ملَلهم ملة أصحاب ذي القرن " .

قال ابن مسعود : [ وإنكم ] {[28276]} أوشك بكم إن بقيتم - أو : بقي من بقي منكم{[28277]} - أن تروا أمورا تنكرونها ، لا تستطيعون لها غِيَرًا ، فبحسب المرء منكم أن يعلم الله من قلبه أنه لها كاره .

وقال أبو جعفر الطبري : حدثنا ابن{[28278]} حميد ، حدثنا جرير ، عن مغيرة ، عن أبي معشر ، عن إبراهيم قال : جاء عتريس بن عُرقوب{[28279]} إلى بن مسعود فقال : يا أبا عبد الله{[28280]} هلك من لم يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر . فقال عبد الله : هلك من لم يعرف قلبُه معروفًا ولم ينكر قلبُه منكرًا ؛ إن بني إسرائيل لما طال عليهم الأمد وقست قلوبهم ، اخترعوا كتابًا من بين أيديهم وأرجلهم ، استهوته قلوبهم واستحلته ألسنتهم ، وقالوا : نعرض على بني إسرائيل هذا الكتاب فمن آمن به تركناه ، ومن كفر به قتلناه . قال : فجعل رجل منهم كتاب الله في قَرْن ، ثم جعل القرن بين ثندوتيه فلما قيل له : أتؤمن بهذا ؟ قال آمنت به - ويومئ إلى القرن بين ثَنْدُوتيه - ومالي لا أؤمن بهذا الكتاب ؟ فمن خير مِلَلِهم اليوم مِلَّة صاحب القَرن{[28281]}


[28264]:- (1) زيادة من م.
[28265]:- (2) صحيح مسلم برقم (3027).
[28266]:- (3) سنن النسائي الكبرى برقم (11568)
[28267]:- (4) في أ: "الربعي".
[28268]:- (5) سنن ابن ماجة برقم (4192).
[28269]:- (1) مسند البزار برقم (1443) وقال: "لا نعلم روى ابن الزبير عن ابن مسعود إلا هذا الحديث".
[28270]:- (2) روى ابن جرير في تفسير (15/552) ط - المعارف، من طريق المسعودي عن عون بن عبد الله نحوه مرسلاً دون ذكر الشاهد هنا.
[28271]:- (3) في أ: "يرفع الله.
[28272]:- (4) رواه الطبري في تفسيره (27/131) ووصله الطبراني في المعجم الكبير (7/295) فرواه من طريق عمران القطان، عن قتادة، عن الحسن، عن شداد بن أوس مرفوعًا به، وعمران القطان متكلم فيه.
[28273]:- (5) في أ: "أنفسهم".
[28274]:- (1) في أ: "يتابعنا عليه"
[28275]:- (2) في أ: "معلقاً"
[28276]:- (3) زيادة من م.
[28277]:- (4) في م: "معكم".
[28278]:- (5) في أ: "أبو"
[28279]:- (6) في أ: "جابر بن سويد عن قرب"
[28280]:- (7) في أ: "يا أبا عبد الله".
[28281]:- (8) تفسير الطبري (27/132).
 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{۞أَلَمۡ يَأۡنِ لِلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَن تَخۡشَعَ قُلُوبُهُمۡ لِذِكۡرِ ٱللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ ٱلۡحَقِّ وَلَا يَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ مِن قَبۡلُ فَطَالَ عَلَيۡهِمُ ٱلۡأَمَدُ فَقَسَتۡ قُلُوبُهُمۡۖ وَكَثِيرٞ مِّنۡهُمۡ فَٰسِقُونَ} (16)

وقوله تعالى : { ألم يأن } الآية ابتداء معنى مستأنف ، وروي أنه كثر المزاح والضحك في بعض تلك المدة في قوم من شبان المسلمين فنزلت هذه الآية . وقال ابن مسعود : مل الصحابة ملة فنزلت الآية . ومعنى : { ألم يأن } ألم يحن ، ويقال : أنى الشيء يأني ، إذا حان ومنه قول الشاعر : [ الوافر ]

تمخضت المنون له بيوم . . . أنى ولكل حاملة تمام{[10976]}

وقرأ الحسن بن أبي الحسن : «ألما يأن » . وروي عنه أنه قرأ «ألم يين » .

وهذه الآية على معنى الحض والتقريع ، قال ابن عباس : عوتب المؤمنون بهذه الآية بعد ثلاث عشرة سنة من نزول القرآن ، وسمع الفضل بن موسى قارئاً يقرأ هذه الآية ، والفضل يحاول معصية ، فكانت الآية سبب توبته . وحكى الثعلبي عن ابن المبارك أنه في صباه حرك العود ليضربه ، فإذا به قد نطق بهذه الآية ، فتاب ابن المبارك وكسر العود وجاءه التوفيق{[10977]} . والخشوع : الإخبات والتطامن ، وهي هيئة تظهر في الجوارح متى كانت في القلب ، فلذلك خص تعالى القلب بالذكر . وروى شداد بن أوس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : «أول ما يرفع من الناس الخشوع »{[10978]} .

وقوله تعالى : { لذكر الله } أي لأجل ذكر الله ووحيه الذي بين أظهرهم ، ويحتمل أن يكون المعنى : لأجل تذكير الله إياهم وأوامره فيهم .

وقرأ عاصم في رواية حفص ونافع : «وما نزَل » مخفف الزاي . وقرأ الباقون وأبو بكر عن عاصم : «نزّل » بشد الزاي على معنى : نزّل الله من الحق . وقرأ أبو عمرو في رواية عباس وهي قراءة الجحدري وابن القعقاع : «نزِّل » بكسر الزاي وشدها . وقرأ نافع وأبو عمرو والأعرج وأبو جعفر : «ولا يكونوا » بالياء على ذكر الغيب .

وقرأ حمزة فيما روى عنه سليم : ولا تكونوا «بالتاء على مخاطبة الحضور .

والإشارة في قوله : { أوتوا الكتاب } إلى بني إسرائيل المعاصرين لموسى عليه السلام ، وذلك قال : { من قبل } وإنما شبه أهل عصر نبي بأهل عصر نبي . و : { الأمد } قيل معناه : أمد انتظار الفتح ، وقيل أمد انتظار القيامة وقيل أمد الحياة . و : { قست } معناه : صلبت وقل خيرها وانفعالها للطاعات وسكنت إلى معاصي الله ، ففعلوا من العصيان والمخالفة ما هو مأثور عنهم .


[10976]:هذا البيت في اللسان غير منسوب، وفي التاج منسوبا إلى عمرو بن حسان بن ثابت، وتمخض: تحرك وتهيأ، والمنون: المنية، وأنى: حان، يقول: إن المنون أتت له بهذا اليوم الذي لابد أن يأتي، وقد أدرك وبلغ كما أن كل حاملة لابد أن يتم حملها.
[10977]:ابن المبارك: هو عبد الله بن المبارك المروزي، من بني حنظلة، وحكاية الثعلبي بهذه الصيغة غير منطقية ولا صحيحة، ولهذا جاءت في بعض النسخ بصيغة أخرى هي: "حرك العود ليضربه فسمع قارئا ينطق بهذه الآية..." الخ.
[10978]:أخرجه الطبراني في الكبير عن شداد بن أوس، وقد رمز له الإمام السيوطي في الجامع الصغير بأنه حديث حسن، وزاد في الدر المنثور نسبته إلى ابن المنذر، وعبد بن حميد. وعبد الرزاق.