الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{۞أَلَمۡ يَأۡنِ لِلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَن تَخۡشَعَ قُلُوبُهُمۡ لِذِكۡرِ ٱللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ ٱلۡحَقِّ وَلَا يَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ مِن قَبۡلُ فَطَالَ عَلَيۡهِمُ ٱلۡأَمَدُ فَقَسَتۡ قُلُوبُهُمۡۖ وَكَثِيرٞ مِّنۡهُمۡ فَٰسِقُونَ} (16)

وقوله تعالى : { أَلَمْ يَأْنِ } : ابتداء معنى مستأنف ، ومعنى { أَلَمْ يَأْنِ } : ألم يَحِنْ ؛ يقال : أنى الشَّيْءُ يأني إذَا حَانَ ، وفي الآية معنى الحَضِّ والتقريع ، قال ابن عباس : عُوتِبَ المؤمنون بهذه الآية ، وهذه الآية كانت سَبَبَ توبة الفُضَيْلِ وابن المبارك ، والخشوع : الإخبات والتضامن وهي هيئة تظهر في الجوارحَ متى كانت في القلب ؛ ولذلك خَصَّ تعالى القلبَ بالذكر ، وروى شداد بن أَوس عنِ النبي صلى الله عليه وسلم أَنَّه قال : «أَوَّلُ مَا يُرْفَعُ مِنَ النَّاسِ الخُشُوعُ » . وقوله تعالى : { لِذِكْرِ الله } أي : لأجل ذكر اللَّه تعالى ووحيه ، أو لأجل تذكير اللَّه إيَّاهم وأوامره فيهم ، والإشارة في قوله : { أُوتُواْ الكتاب } إلى بني إسرائيل المعاصرين لموسى عليه السلام ولذلك قال : { مِن قَبْلُ } وَإنَّما شَبَّه أهل عصر نبيٍّ بأهل عصر نبيٍّ .

وقوله : { فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأمد } قيل : معناه : أَمد الحياة ، وقيل : أمد انتظار القيامة ، قال الفخر : وقال مقاتل بن حيان : الأمد هنا : الأمل ، أي : لما طالت آمالُهم ، لا جَرَمَ قَسَتْ قلوبهم ، انتهى . وباقي الآية بَيِّنٌ .