{ ألم يأن للذين آمنوا ؟ } يقال أنى لك يأنى إذا حان ، أي : جاء أناه أي : وقته ، قرأ الجمهور : ألم يأن ، وقرئ ألما يأن { أن تخشع قلوبهم لذكر الله } أي ألم يحضر خشوع قلوبهم ؟ ولم يجيء وقته ؟ هذه الآية نزلت في المؤمنين ، قال الحسن : يستبطئهم وهم أحب خلقه إليه ، وقيل : إن الخطاب لمن آمن بموسى وعيسى عليهما الصلاة والسلام دون محمد صلى الله عليه وسلم ، قال الزجاج : نزلت في طائفة من المؤمنين حثوا على الرقة والخشوع ، فأما من وصفهم الله بالرقة والخشوع فطبقة فوق هؤلاء ، وقال السدي وغيره : المعنى : ألم يأن للذين آمنوا في الظاهر ، وأسروا الكفر ، أن تخشع وتلين وتسكن وتخضع وتذل وتطمئن قلوبهم لذكر الله ، وسيأتي ما يقوي قول من قال : إنها نزلت في المسلمين ، والخشوع لين القلب ورقته .
والمعنى أنه ينبغي أن يورثهم الذكر خشوعا ورقة ، ولا يكونوا كمن لا يلين قلبه للذكر ، ولا يخشع له .
" عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : استبطأ الله قلوب المهاجرين بعد سبع عشرة سنة من نزول القرآن ، فأنزل الله : { ألم يأن } الآية " أخرجه ابن مردويه ، وأخرج أيضا " عن عائشة قالت : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على نفر من أصحابه في المسجد وهم يضحكون فسحب رداءه محمرا وجهه فقال : أتضحكون ولم يأتكم أمان من ربكم بأنه قد غفر لكم ؟ ولقد أنزل علي في ضحككم آية { ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله } ؟ قالوا يا رسول الله فما كفارة ذلك ؟ قال : تبكون بقدر ما ضحكتم " .
وأخرج مسلم والنسائي وابن ماجة وابن المنذر وغيرهم .
" عن ابن مسعود قال : ما كان بين إسلامنا وبين أن عاتبنا الله بهذه الآية { ألم يأن } الخ إلا أربع سنين "
" وعنه قال : لما نزلت هذه الآية أقبل بعضنا على بعض ، أي شيء أحدثنا أي شيء صنعنا " .
" وعن ابن عباس قال إن الله استبطأ قلوب المهاجرين فعاتبهم على رأس ثلاث عشرة سنة من نزول القرآن . { ألم يأن } الآية " .
" وعن عبد العزيز ابن أبي داود أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ظهر فيهم المزاح والضحك فنزلت هذه الآية { ألم يأن } الخ " .
{ وما نزل من الحق } والمراد به القرآن فيحمل الذكر المعطوف عليه على ما عداه مما فيه ذكر الله سبحانه باللسان أو خطور بالقلب وقيل : المراد بالذكر هو القرآن فيكون هذا العطف من باب عطف التفسير أو باعتبار تغاير المفهومين قرأ الجمهور نزل مشددا مبنيا للفاعل ، وقرئ على البناء للمفعول وقرئ مخففا مبنيا للفاعل وقرئ أنزل مبنيا للفاعل { ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل } قرأ الجمهور بالتحتية على الغيبة جريا على ما تقدم ، وقرئ على الخطاب التفاتا ، والمعنى النهي لهم أن يسلكوا سبيل اليهود والنصارى ، الذين أوتوا التوراة والإنجيل من قبل نزول القرآن .
{ فطال عليهم الأمد } أي طال عليهم الزمان بينهم وبين أنبيائهم ، قرأ الجمهور الأمد بتخفيف الدال ، وقرئ بتشديدها ، أي الزمن الطويل ، وقيل : المراد به على الأولى الأجل والغاية ، يقال أمد فلان كذا أي غايته { فقست قلوبهم } بذلك السبب فلذلك حرفوا وبدلوا فنهى الله سبحانه أمة محمد صلى الله عليه وسلم أن يكونوا مثلهم ، وعن أبي بكر أن هذه الآية قرئت بين يديه ، وعنده قوم من أهل اليمامة فبكوا بكاء شديدا ، فنظر إليهم فقال : هكذا كنا حتى قست القلوب .
{ وكثير منهم فاسقون } أي خارجون عن الطاعة الله ، لأنهم تركوا العمل بما أنزل إليهم ، وحرفوا وبدلوا ، ولم يؤمنوا بما نزل على محمد صلى الله عليه وسلم وقيل : هم الذين تركوا الإيمان بعيسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام ، وقيل : هم الذين ابتدعوا الرهبانية وهم أصحاب الصوامع .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.