البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{۞أَلَمۡ يَأۡنِ لِلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَن تَخۡشَعَ قُلُوبُهُمۡ لِذِكۡرِ ٱللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ ٱلۡحَقِّ وَلَا يَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ مِن قَبۡلُ فَطَالَ عَلَيۡهِمُ ٱلۡأَمَدُ فَقَسَتۡ قُلُوبُهُمۡۖ وَكَثِيرٞ مِّنۡهُمۡ فَٰسِقُونَ} (16)

عن عبد الله : ملت الصحابة ملة ، فنزلت { ألم يأن } .

وعن ابن عباس : عوتبوا بعد ثلاث عشرة سنة .

وقيل : كثر المزاح في بعض شباب الصحابة فنزلت .

وقرأ الجمهور : { ألم } ؛ والحسن وأبو السمال : ألما .

والجمهور : { يأن } مضارع أنى : حان ؛ والحسن : يئن مضارع أن حان أيضاً ، والمعنى : قرب وقت الشيء .

{ أن تخشع } : تطمئن وتخبت ، وهو من عمل القلب ، ويظهر في الجوارح .

وفي الحديث : « أول ما يرفع من الناس الخشوع » { لذكر الله } : أي لأجل ذكر الله ، كقوله : { إذا ذكر الله وجلت قلوبهم } قيل : أو لتذكير الله إياهم .

وقرأ الجمهور : وما نزل مشدداً ؛ ونافع وحفص : مخففاً ؛ والجحدري وأبو جعفر والأعمش وأبو عمرو في رواية يونس ، وعباس عنه : مبنياً للمفعول مشدداً ؛ وعبد الله : أنزل بهمزة النقل مبنياً للفاعل .

والجمهور : { ولا يكونوا } بياء الغيبة ، عطفاً على { أن تخشع } ؛ وأبو حيوة وابن أبي عبلة وإسماعيل عن أبي جعفر ، وعن شيبة ، ويعقوب وحمزة في رواية عن سليم عنه : ولا تكونوا على سبيل الالتفات ، إما نهياً ، وإما عطفاً على { أن تخشع } .

{ كالذين أوتوا الكتاب من قبل } ، وهم معاصرو موسى عليه السلام من بني إسرائيل .

حذر المؤمنون أن يكونوا مثلهم في قساوة القلوب ، إذ كانوا إذا سمعوا التوراة رقوا وخشعوا ، { فطال عليهم الأمد } : أي انتظار الفتح ، أو انتظار القيامة .

وقيل : أمد الحياة .

وقرأ الجمهور : الأمد مخفف الدال ، وهي الغاية من الزمان ؛ وابن كثير : بشدها ، وهو الزمان بعينه الأطول .

{ فقست قلوبهم } : صلبت بحيث لا تنفعل للخير والطاعة .