وقوله تعالى : { زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشهوات . . . } [ آل عمران :14 ] .
هذه الآيةُ ابتداءُ وعظٍ لجميع الناس ، وفي ضمن ذلك توبيخٌ ، والشهواتُ ذميمةٌ ، واتباعها مُرْدٍ ، وطاعتها مَهْلَكَةٌ ، وقد قال صلى الله عليه وسلم : ( حُفَّتِ النَّارُ بِالشَّهَوَاتِ ، وَحُفَّتِ الجَنَّةُ بِالمَكَارِهِ ) ، فَحَسْبُكَ أَنَّ النَّارَ حُفَّتْ بِهَا ، فمَنْ واقعها ، خلص إِلى النَّار .
قلْتُ : وقد جاءت أحاديثٌ كثيرةٌ في التزْهِيدِ في الدنيا ، ذكَرْنا من صحيحها وحَسَنِهَا في هذا المُخْتَصَرِ جملةً صالحةً لا توجد في غيره من التَّفَاسير ، فعلَيْكَ بتحصيله فتَطَّلعَ فيه على جواهرَ نفيسةٍ ، لا توجَدُ مجموعةً في غيره ، كما هي بحَمْدِ اللَّه حاصلةٌ فيه ، وكيف لا يكونُ هذا المختصر فائقاً في الحُسْن ، وأحاديثه بحَمْد اللَّه مختارةٌ ، أكثرها من أصولِ الإسلامِ الستَّةِ : البخاريِّ ، ومسلمٍ ، وأبي داود ، والتِّرمذيِّ والنَّسائِيِّ ، وابنِ مَاجَة ، فهذه أصول الإِسلام ، ثم مِنْ غيرها كصحيح ابن حِبَّانَ ، وصحيح الحاكمِ ، أعني : المُسْتَدْرَكَ عَلَى الصَّحِيحَيْنِ ، وأَبِي عَوَانَةَ ، وابْنِ خُزَيْمَةَ ، والدَّارِمِيِّ ، وَالمُوَطَّأِ ، وغيرِها من المسانيدِ المشهورةِ بيْن أئمَّة الحديثِ ، حَسْبما هو معلومٌ في علْمِ الحديث ، وقصْدِي من هذا نُصْحُ من اطلع على هذا الكتاب ، أنْ يعلم قَدْرَ ما أنعم اللَّه به علَيْه ، فإِن التحدُّث بالنعم شُكْر . ولنرجَعْ إلى ما قصدناه من نَقْلِ الأحاديث : روى الترمذيُّ عن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : ( إِنْ أَرَدتِّ اللُّحُوقَ بِي ، فَلْيَكْفِيكِ مِنَ الدُّنْيَا كَزَادِ الرَّاكِبَ ، وإِيَّاكِ وَمُجَالَسَةَ الأَغْنِيَاءِ ، وَلاَ تَسْتَخْلِفِي ثَوْباً حتى تَرْقَعِيهِ ) حديث غَرِيبٌ ، وقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ البَذَاذَةَ مِنَ الإِيمَانِ ) ، خرَّجه أبو داود وقد نقله البغويُّ في «مصابيحه » ، والبَذَاذَةُ : هي رث الهَيْئَة . اه و{ القَناطير } : جمع قِنْطَارٍ ، وهو العُقْدة الكثيرةُ من المال ، واختلف النَّاس في تحريرِ حَدِّه ، وأصحُّ الأقوالِ فيه : ما رواه أُبَيُّ بنُ كَعْبٍ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّهُ قَالَ : ( القِنْطَارُ أَلْفٌ ومِائَتَا أُوقِيَّةٍ ) ، لكنَّ القنْطارَ على هذا يختلفُ باختلاف البلادِ ، في قَدْر الأَوقِيَّةِ .
وقوله : { المقنطرة } ، قال الطبريُّ : معناه المُضَعَّفة ، وقال الربيعُ : المالُ الكثيرُ بعْضُه على بعض .
( ص ) : { المقنطرة } : مُفَعْلَلَة ، أو مُفَنْعَلَة ، مِن القِنْطَار ، ومعناه : المجتمعة .
( م ) : أبو البقاء ، و{ مِنَ الذهب } : في موضعِ الحالِ من { المقنطرة } اه .
وقوله : { المسومة } : قال مجاهدٌ : معناه المُطَهَّمة الحِسَان ، وقال ابن عبَّاس ، وغيره : معناه الراعيَةُ ، وقيل : المُعَدَّة ، { والأنعام } : الأصنافُ الأربعةُ : الإِبلُ ، والبَقَرُ ، والضَّأْنُ ، والمَعْز .
( ص ) : و( الأنعامُ ) واحدُها نَعَمٌ ، والنَّعَمُ : الإِبل فقَطْ ، وإِذا جُمِعَ ، انطق على الإِبلِ ، والبقرِ ، والغنمِ اه .
{ والحرث } : هنا اسمٌ لكلِّ ما يُحْرَثُ من حَبٍّ ، وغيره ، و( المَتَاعُ ) : ما يستمتعُ به ، وينتفعُ مدَّةً مَّا منحصرة ، { والمآب } : المَرْجِعُ ، فمعنى الآية : تقليلُ أمر الدُّنيا وتحقيرُها ، والترغيبُ في حُسْن المَرْجِع إِلى اللَّه تعالى .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.