وقوله تعالى : { النبي أولى بالمؤمنين مِنْ أَنْفُسِهِمْ } [ الأحزاب : 6 ] .
أزالَ اللّه بهذه الآية أحكاماً كانت في صدر الإسلام منها أن النّبي صلى الله عليه وسلم كان لا يصلي على ميت عليه دين ، فذَكَرَ اللّهُ تعالى أنه أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، فجمع هذا أن المؤمن يلزم أن يُحِبَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أكثرَ من نَفسِهِ ، حَسَبَ حديثِ عمر بن الخطاب ، ويلزمُ أن يَمْتَثِلَ أوامرَهُ ، أحبت نفسُهُ ذلك أو كرِهَتْ ، وَقَالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم حين نزلت هذه الآية : ( أَنَاْ أولى بالمؤمنين مِنْ أَنْفُسِهِمْ مِنْ تَرَكَ مَالاً فَلِوَرَثَتِهِ ، وَمَنْ تَرَكَ دَيْنَاً أَوْ ضِيَاعاً فإلَيَّ وَعَلَيَّ ، أَنا وَلِيُّهُ ، اقرءوا إنْ شِئْتُم : { النبي أولى بالمؤمنين مِنْ أَنْفُسِهِمْ } .
( ت ) : ولفظ البخاريِّ من رواية أبي هريرةَ أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال : ( مَا مِنْ مُؤْمِنٍ إلاَّ وَأَنَا أولى بِهِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ، اقرءوا إنْ شِئْتُمْ : { النبي أولى بالمؤمنين مِنْ أَنْفُسِهِمْ } ، فَأَيُّمَا مُؤْمِنٍ تَرَكَ مَالاً فَلْيَرِثْهُ عَصَبَتُهُ مَنْ كَانُوا ، فَإنْ تَرَكَ دَيْناً أَوْ ضِيَاعاً ، فَلْيَأْتِنِي فَأَنَا مَوْلاَهِ ) .
قال ابن العربيِّ : في «أحكامه » : فهذا الحديث هو تفسير الولاية في هذه الآية انتهى .
قال ( ع ) : وقال بعض العارفين : هو صلى الله عليه وسلم أولى بالمؤمنين من أنفسهم لأنَّ أنفسهم تدعوهم إلى الهلاك ، وهو يدعوهم إلى النجاة .
قال ( ع ) : ويؤيد هذا قوله صلى الله عليه وسلم : ( فَأَنَا آخُذُ بِحُجَزِكُمْ عَنِ النَّارِ ، وَأَنْتُمْ تَقَحَّمُون فِيهَا تَقَحَّمَ الفَرَاشِ ) . قال عياض في «الشفا » : قال أهل التفسير في قوله تعالى : { النبي أولى بالمؤمنين مِنْ أَنْفُسِهِمْ } أي : ما أنفذه فيهم من أمر فهو ماضٍ عليهم كما يمضي حكمُ السيد على عبده ، وقيل اتباع أمره أولى من اتباع رأي النفس انتهى .
وشَرَّفَ تعالى أزواج نبيه صلى الله عليه وسلم بأن جعلهن أمهاتِ المُؤْمِنِينَ في المَبَرَّةِ وحُرْمَةِ النِّكَاحِ ، وفي مصحف أُبَيّ بن كعبٍ : «وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَهُوَ أَبٌ لَهُمْ » وقرأ ابن عباس «مِنْ أَنْفُسِهِمْ ، وَهُوَ أَبٌ لَهُمْ » ووافقه أُبَيٌّ على ذلك .
ثم حكم تعالى : بَأَن أُولى الأرْحَامِ بَعْضُهم أولى ببعض في التوارُث ، مما كانت الشريعة قررته من التوارث بأخوة الإسلام ، و{ فِي كتاب الله } يُحْتَمَلُ أَن يُرِيْدَ القُرْآن أو اللوح المحفوظ .
وقوله : { مِنَ المؤمنين } متعلق ب{ أَوْلى } الثانية .
وقوله تعالى : { إِلاَّ أَن تَفْعَلُوا إلى أَوْلِيَائِكُمْ مَّعْرُوفاً } يريدُ الإحسانَ في الحياةِ والصِّلَة والوَصِيَّةِ عند الموتِ و«الكتابُ المسطورُ » : يحتَمِلُ الوجْهَين اللذين ذكرنا .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.