فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{۞لَّيۡسَ عَلَيۡكَ هُدَىٰهُمۡ وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ يَهۡدِي مَن يَشَآءُۗ وَمَا تُنفِقُواْ مِنۡ خَيۡرٖ فَلِأَنفُسِكُمۡۚ وَمَا تُنفِقُونَ إِلَّا ٱبۡتِغَآءَ وَجۡهِ ٱللَّهِۚ وَمَا تُنفِقُواْ مِنۡ خَيۡرٖ يُوَفَّ إِلَيۡكُمۡ وَأَنتُمۡ لَا تُظۡلَمُونَ} (272)

{ ليس عليك هداكم ولكن الله يهدي من يشاء } الخطاب مع النبي صلى الله عليه وسلم والمراد هو وأمته ، ويشهد لهذا أن ما قبله عام . { إن تبدوا الصدقات . . } وما بعد عام { وما تنفقوا من خير فلأنفسكم } عن ابن عباس قال : كان أناس من الأنصار لهم أنسباء وقرابة من قريظة والنضير وكانوا يتقون أن يتصدقوا عليهم ويريدونهم أن يسلموا فنزلت { ليس عليك هداهم } وعن قتادة : وذكر لنا أن رجالا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قالوا أنتصدق على من ليس من أهل ديننا فأنزل الله في ذلك القرآن { ليس عليكم هداهم } مما نقل عن علماء الأحكام : الصدقة التي أبيحت لغير المسلمين هي صدقة التطوع وأما المفروضة فلا يجزئ دفعها لكافر لقوله عليه السلام ( أمرت أن آخذ الصدقة من أغنيائكم وأردها في فقرائكم ) ؛ قال ابن العربي : سائر أهل المعاصي تصرف الصدقة إلى مرتكبيها لدخولهم في اسم المسلمين ، وفي صحيح مسلم أن رجلا تصدق على غني وسارق وزانية وتقبلت صدقته . { وما تنفقوا من خير فلأنفسكم وما تنفقوا إلا ابتغاء وجه الله } ثواب النفقة يعود إلى المنفق ولنفسه حصل العاقبة الحسنى ؛ ومن أنفق يريد بنفقته الثواب{[825]} فعليه أن يخلص النية والقصد وأن لا يرجو بذلك إلا رضوان الله جل علاه { وما تنفقوا من خير يوف إليكم وأنتم لا تظلمون } ربنا تقدست أسماؤه لا يظلم مثقال ذرة { . . وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما }{[826]} .


[825]:من عظم فضل مولانا سبحانه ومنته أن جعل كل بذل يراد به الخير للباذل أو لغيره في دينه أوفي دنياه مما يتقرب به إلى الله روى البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لسعد بن أبي وقاص (إنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها حتى ما تجعل في فم امرتك).
[826]:من سورة النساء من الآية 40.