فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{۞لَّيۡسَ عَلَيۡكَ هُدَىٰهُمۡ وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ يَهۡدِي مَن يَشَآءُۗ وَمَا تُنفِقُواْ مِنۡ خَيۡرٖ فَلِأَنفُسِكُمۡۚ وَمَا تُنفِقُونَ إِلَّا ٱبۡتِغَآءَ وَجۡهِ ٱللَّهِۚ وَمَا تُنفِقُواْ مِنۡ خَيۡرٖ يُوَفَّ إِلَيۡكُمۡ وَأَنتُمۡ لَا تُظۡلَمُونَ} (272)

ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء وما تنفقوا من خير فلأنفسكم وما تنفقون إلا ابتغاء وجه الله وما تنفقوا من خير يوف إليكم وأنتم لا تظلمون 272

( ليس عليك هداهم ) أي ليس بواجب عليك أن تجعلهم مهتدين قابلين لما أمروا به ونهوا عنه ، فالهدى مصدر مضاف للمفعول أو ليس عليك أن يهتدوا فيكون مضافا لفاعله ( ولكن الله يهدي من يشاء ) هداية توصله إلى المطلوب ، وهذه الجملة معترضة وفيها الالتفات .

وعن ابن عباس قال : كانوا يكرهون أن يرضخوا لأنسابهم من المشركين فنزلت هذه الآية إلى آخرها فرخص لهم ، وفي الباب آثار عن الصحابة والتابعين .

( وما تنفقوا من خير فلأنفسكم ) أي كل ما يصدق عليه اسم الخير كائنا ما كان ولو على كافر ولكن هذا في غير صدقة الفرض ( وما تنفقون إلا ابتغاء وجه الله ) استثناء من أعم العلل أي لا تنفقوا لغرض إلا لهذا الغرض ، ثم بين ان النفقة المعتد بها المقبولة إنما هي ما كان لابتغاء وجه الله سبحانه ، قال الزجاج : هذا خاص للمؤمنين ، وقال بعضهم : لو أنفقت على شر خلق الله لكان لك ثواب نفقتك ، ويرده حديث لا يأكل طعامك إلا تقي .

وأجمع العلماء على أنه لا يجوز صرف الزكاة إلا إلى المسلمين ، وجوز أبو حنيفة صرف صدقة الفطر إلى أهل الذمة وخالفه سائر العلماء في ذلك .

( وما تنفقوا من خير يوف ) أي يرد ( إليكم ) أجره وثوابه على الوجه الذي تقدم ذكره من التضعيف ، قال عطاء الخراساني : إذا أعطيت لوجه الله فلا عليك ما كان عمله ( وأنتم لا تظلمون ) أي لا تنقصون شيئا من ثواب أعمالكم .