الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{۞لَّيۡسَ عَلَيۡكَ هُدَىٰهُمۡ وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ يَهۡدِي مَن يَشَآءُۗ وَمَا تُنفِقُواْ مِنۡ خَيۡرٖ فَلِأَنفُسِكُمۡۚ وَمَا تُنفِقُونَ إِلَّا ٱبۡتِغَآءَ وَجۡهِ ٱللَّهِۚ وَمَا تُنفِقُواْ مِنۡ خَيۡرٖ يُوَفَّ إِلَيۡكُمۡ وَأَنتُمۡ لَا تُظۡلَمُونَ} (272)

{ لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ } لا يجب عليك أن تجعلهم مهديين إلى الانتهاء عما نهوا عنه من المنّ والأذى والإنفاق من الخبيث وغير ذلك ، وما عليك إلا أن تبلغهم النواهي فحسب { ولكن الله يَهْدِى مَن يَشَاء } يلطف بمن يعلم أنّ اللطف ينفع فيه فينتهي عما نهى عنه { وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ } من مال { فَلاِنفُسِكُمْ } فهو لأنفسكم لا ينتفع به غيركم فلا تمنوا به على الناس ولا تؤذوهم بالتطاول عليهم { وَمَا تُنفِقُونَ } وليست نفقتكم إلا لابتغاء وجه الله ولطلب ما عنده ، فما بالكم تمنون بها وتنفقون الخبيث الذي لا يوجه مثله إلى الله ؟ { وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ } ثوابه أضعافاً مضاعفة ، فلا عذر لكم في أن ترغبوا عن إنفاقه ، وأن يكون على أحسن الوجوه وأجملها . وقيل : حجت أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما فأتتها أمها تسألها وهي مشركة ، فأبت أن تعطيها ، فنزلت ، وعن سعيد بن جبير رضي الله عنه : كانوا يتقون أن يرضخوا لقراباتهم من المشركين . وروي : أنّ ناساً من المسلمين كانت لهم أصهار في اليهود ورضاع وقد كانوا ينفقون عليهم قبل الإسلام ، فلما أسلموا كرهوا أن ينفقوهم . وعن بعض العلماء : لو كان شر خلق الله ، لكان لك ثواب نفقتك . واختلف في الواجب ، فجوز أبو حنيفة رضي الله عنه صرف صدقة الفطر إلى أهل الذمة ، وأباه غيره .