محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{۞لَّيۡسَ عَلَيۡكَ هُدَىٰهُمۡ وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ يَهۡدِي مَن يَشَآءُۗ وَمَا تُنفِقُواْ مِنۡ خَيۡرٖ فَلِأَنفُسِكُمۡۚ وَمَا تُنفِقُونَ إِلَّا ٱبۡتِغَآءَ وَجۡهِ ٱللَّهِۚ وَمَا تُنفِقُواْ مِنۡ خَيۡرٖ يُوَفَّ إِلَيۡكُمۡ وَأَنتُمۡ لَا تُظۡلَمُونَ} (272)

{ * ليس عليك هداهم ولكن اللّه يهدي من يشاء وما تنفقوا من خير فلأنفسكم وما تنفقون إلا ابتغاء وجه اللّه وما تنفقوا من خير يوفّ إليكم وأنتم لا تظلمون 272 } .

{ ليس عليك هداهم } أي لا يجب عليك أن تجعلهم مهديين إلى الإتيان بما أمروا به من المحاسن والانتهاء عما نهوا عنه من المساوئ المعدودة كالمنّ والأذى والإنفاق من الخبيث والبخل { ولكن الله يهدي من يشاء } بخلق الهداية في قلبه عقيب بيانك لجريان سنته بخلق الأشياء عقيب أسبابها ، لا على سبيل الوجوب . بل على سبيل الاختيار . أفاده المهايميّ .

قال أبو السعود : والجملة معترضة جيء بها على طريق تلوين الخطاب وتوجيهه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، مع الالتفات إلى الغيبة فيما بين الخطابات المتعلقة بالمكلفين ، مبالغة في حملهم على الامتثال . فإن الإخبار بعدم وجوب تدارك أمرهم على النبي صلى الله عليه وسلم مؤذن بوجوبه عليهم حسبما ينطق به ما بعده من الشرطية { وما تنفقوا من خير فلأنفسكم } أي بالحقيقة لأن المنفق عليه إنما يقضي بها حاجته الفانية ويحصل لكم بها الثواب الأبديّ ، فلم تمنون به على الناس وتؤذونهم ؟ ونظائر هذا في القرآن كثيرة كقوله : { من عمل صالحا فلنفسه } {[1437]} . { وما تنفقون إلا ابتغاء وجه الله } نفي في معنى النهي . أي فلا تستطيلوا به على الناس / ولا تراؤا به . { وما تنفقوا من خير يوفّ إليكم } ثوابه أضعافا مضاعفة { وأنتم لا تظلمون } أي لا تنقصون من حسناتكم ، كما لا يزاد على سيئاتكم .


[1437]:[41/ فصلت/ 46] ونصها: {من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها وما ربك بظلاّم للعبيد 46}.