وقوله تعالى : { لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ . . . } [ البقرة :272 ] .
وَرَدَتْ آثار أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم مَنَعَ فُقَرَاء أهْلِ الذمَّة من الصَّدَقَة ، فنزلَتِ الآية مبيحةً لهم ، وذكر الطبريُّ : إن مَقْصِدَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم بِمَنْعِ الصدَقة ، إِنَّما كان ليُسْلِمُوا ولِيَدْخُلُوا في الدِّين ، فقال اللَّه سبحانه : { لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ } .
قال ( ع ) : وهذه الصدقةُ التي أبيحَتْ لهم حسبَمَا تضمَّنته هذه الآثار ، إِنما هي صدقة التطوُّع ، وأما المفروضة ، فلا يجزئ دفعها لكَافِرٍ ، قال ابن المُنْذِرِ : إِجماعاً فيما عَلِمْتُ ، وقول المَهْدَوِيِّ : إباحتها هذه الآية مردودٌ ، قال ابن العَرَبِيِّ ، وإِذا كان المُسْلِمُ يترك أركان الإِسْلاَم من الصَّلاة ، والصيام ، فلا تُصْرَفُ إِلَيْه الصدقة ، حتى يتُوبَ ، وسائرُ المعاصِي تُصْرَف الصدَقَةُ إلى مرتكبيها ، لدخولِهِمْ في اسم المسلمين . انتهى من «الإِحكام » . ويعني بالصدقةِ المفروضةَ ، والهدى الَّذي ليس على نَبيِّنا صلى الله عليه وسلم هو خَلْق الإِيمان في قلوبهم ، وأما الهُدَى الذي هو الدعاءُ ، فهو علَيْه صلى الله عليه وسلم ، وليس بمراد في هذه الآية ،
ثم أخبرَ سُبْحَانه ، أنه يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ ، وفي الآية ردٌّ على القدريَّة ، وطوائفِ المعتزلةِ ، ثم بيَّن تعالى ، أنَّ النفقة المقبولَةَ ما كان ابتغاءَ وَجْهِ اللَّهِ ، وفي الآية تأويلٌ آخرُ ، وهو أنها شهادة مِنَ اللَّهِ تعالى للصحابةِ ، أنهم إِنما ينفقون ابتغاءَ وَجُه اللَّه سبحانه ، فهو خَبَر منه لهم فيه تفضيلٌ ، { وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ } ، أي : في الآخرة ، وهذا هو بيانُ قوله : { وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلأَنفُسِكُمْ } ، والخير هنا : المالُ ، بقرينة الإِنفاق ، ومتى لم يقترن بما يدلُّ على أنَّه المال ، فلا يلزم أن يكون بمعنى المال ، وهذا الذي قلْناه تحرُّزاً من قول عِكْرِمَةَ : كُلَّ خَيْرٍ في كتابِ اللَّهِ ، فهو المالُ .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.