الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{۞لَّيۡسَ عَلَيۡكَ هُدَىٰهُمۡ وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ يَهۡدِي مَن يَشَآءُۗ وَمَا تُنفِقُواْ مِنۡ خَيۡرٖ فَلِأَنفُسِكُمۡۚ وَمَا تُنفِقُونَ إِلَّا ٱبۡتِغَآءَ وَجۡهِ ٱللَّهِۚ وَمَا تُنفِقُواْ مِنۡ خَيۡرٖ يُوَفَّ إِلَيۡكُمۡ وَأَنتُمۡ لَا تُظۡلَمُونَ} (272)

قوله : ( لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَّشَاءُ ) [ 271 ] .

هذا مثل/ ( وَلاَ تَسْئَلْ عَنَ اَصْحَابِ الجَحِيمِ( {[8886]} ) )( {[8887]} ) ، على قراءة من رفع( {[8888]} ) ، أي ليس عليك سوى البلاغ المبين ، ولست عليهم بمسيطر . ( وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَّشَاءُ ) ، أي يوفقه للهداية .

وهذه الآية نزلت في المشركين لأن المؤمنين كانوا لا يتصدقون عليهم ليدخلوا في الإسلام ، فنزلت : ( لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ ) إلى ( وَمَا( {[8889]} ) تُنفِقُونَ إِلاَّ ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ )( {[8890]} ) [ 271 ] .

وقيل : " نزلت في أسماء بنت أبي بكر( {[8891]} ) امتنعت من بِر جدها [ أبي قحافة ]( {[8892]} ) إذ لم يسلم/ وغيره ، فتصدق عليهم " ( {[8893]} ) .

قال ذلك ابن عباس وابن جبير ، قالا : " كان ناس من الأنصار لهم قرابة ضعفاء مشركون فلا يتصدقون عليهم ، فنزلت الآية ، فتصدقوا عليهم " ( {[8894]} ) .

وروى ابن جبير أن النبي صلى الله عليه وسلم " كان لا يتصدق على المشركين حتى نزلت هذه الآية فتصدق عليهم " ( {[8895]} ) .

وقال ابن زيد : " لك ثواب نفقتك ، وليس عليك من عمله شيء " ( {[8896]} ) .

وهذا إنما هو في التطوع ، فأما في الواجب فلا يعطى منه( {[8897]} ) إلا المسلمون( {[8898]} ) .

قال مالك( {[8899]} ) : " يتصدق على اليهود والنصارى من التطوع ، ولا يعطون من الواجبات لا من الزكاة ولا من صدقة الفطر ، ولا مما أشبههما " .

قوله : ( وَمَا تُنفِقُوا( {[8900]} ) مِنْ خَيْرٍ ) [ 271 ] .

أي ما تتصدقوا من مال –والخير المال- فإنه لأنفسكم تجزون به . [ روى أبو هريرة أن النبي( {[8901]} ) عليه السلام قال : " إِذَا تَصَدَّقَ العَبْدُ بِالصَّدَقَةِ وَقَعَتْ فِي يَدِ الله قَبْلَ أَنْ تَقَعَ فِي كَفِّ السَّائِلِ فَيُرْبِيهَا( {[8902]} ) لِأَحَدِكُمْ كَمَا يُرْبِي( {[8903]} ) أَحَدُكُمْ فُلُوَّهُ أَوْ فَصِيلَهُ( {[8904]} ) حَتَّى إِنَّ اللُّقْمَةَ لَتَصِيرُ مَثْلَ أُحُدٍ " ( {[8905]} ) .

وتصديق ذلك في كتاب الله : ( يَمْحَقُ/ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ ) [ 275 ] ، وقال : ( وَيَاخُذُ الصَّدَقَاتِ ) [ التوبة : 105 ] .


[8886]:- سقط من ع3.
[8887]:- البقرة آية 118.
[8888]:- انظر هذه القراءة عند تفسير [البقرة: 118].
[8889]:- سقط حرف الواو من ع2، ع3.
[8890]:- انظر: المحرر الوجيز: 3/335-336، ولباب النقول: 49.
[8891]:- هي أسماء بنت أبي بكر الصديق، صحابية مشهورة، ذات النطاقين وزوج الزبير بن العوام (ت73هـ) وقيل 74هـ. انظر: طبقات ابن خياط: 333، وتقريب التهذيب: 2/589.
[8892]:- في ع1: أبي مخافة. وفي ع2: أي مخافة وكلاهما تحريف.
[8893]:- انظر؛: تفسير القرطبي: 3/337.
[8894]:- انظر: المصدر السابق.
[8895]:- انظر: تفسير ابن كثير: 1/322، ولباب النقول: 49.
[8896]:- انظر نحوه في: جامع البيان: 5/589.
[8897]:- سقط من ع2.
[8898]:- انظر هذا التوجيه في: تفسير القرطبي: 3/337.
[8899]:- في ع3: مالك رضي الله عنه.
[8900]:- في ع2: تنفق. وهو خطأ.
[8901]:- في ع2: وروى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم.
[8902]:- في ع3: فيريها. وهو تحريف.
[8903]:- في ع1، ع3: يري. وهو تحريف.
[8904]:- والفُلُوُّ: المهر الصغير. وقيل: العظيم من أولاد ذات الحوافر. اللسان: 2/1132، والفصيل ولد الناقة أو البقرة بعد فطامه وفصله عن أمه. انظر: اللسان: 2/1105.
[8905]:- رواه مالك وابن ماجه: 1/590، وسنن الترمذي: 3/49-50.