جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{۞لَّيۡسَ عَلَيۡكَ هُدَىٰهُمۡ وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ يَهۡدِي مَن يَشَآءُۗ وَمَا تُنفِقُواْ مِنۡ خَيۡرٖ فَلِأَنفُسِكُمۡۚ وَمَا تُنفِقُونَ إِلَّا ٱبۡتِغَآءَ وَجۡهِ ٱللَّهِۚ وَمَا تُنفِقُواْ مِنۡ خَيۡرٖ يُوَفَّ إِلَيۡكُمۡ وَأَنتُمۡ لَا تُظۡلَمُونَ} (272)

{ لَّيْسَ {[544]} عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ } أي لا يجب عليك جعل الناس مهديين ، فإنه ليس في يدك وقدرتك ، ولكن الهداية من الله ، { وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلأنفُسِكُمْ } أي : ثوابه ، فلا تمنوا على أحد ، { وَمَا تُنفِقُونَ إِلاَّ ابْتِغَاء وَجْهِ اللّهِ } ، الواو حال ، أو عطف ، يعني : المؤمن لا ينفق إلا لمرضات الله ، وقيل : نفي في معنى النهي ، قال عطاء الخرساني : معناه : إذا أعطيت لوجه الله ، فلا عليك ما كان عمله ، فإنك مثاب لنيتك ، سواء كان السائل مستحقا أو غيره ، برا أو فاجراً {[545]} { وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ } : ثوابه ، { وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ } ، فلا ينقص ثواب صدقاتكم ، " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بأن لا يتصدق إلا على المسلمين ، حتى نزلت ليس عليك هداهم ، فأمر بالصدقة بعدها على كل سائل من كل دين {[546]} " ، وهذا في التطوع ، أما الواجب {[547]} ، فلا يجوز صرفه إلى الكافر .


[544]:ولما رغب في لزوم الهدي ووجوه الخير، وأكثرهم معرضون، لأن ما دعا إليه هادم لما جبلوا عليه من حب المال، صار صلى الله عليه وسلم شديد الوجد دائم الحزن، شفقة عليهم، فخفف عليه الوجد، فقال: "ليس عليك هداهم" الآية/12 وجيز
[545]:أجمع العلماء على أنه لا يجوز صرف الزكاة إلا إلى المسلمين، وجوز أبو حنيفة صرف صدقة الفطر إلى أهل الذمة، وخالفه سائر العلماء في ذلك/12 فتح
[546]:يدل على هذا التفسير ما ثبت أن أسماء بنت أبي بكر حجت فأتتها أمها تسألها وهي مشركة فأبت أن تعطيها، فنزلت/12 منه. [أخرجه البخاري في "الأدب"، (5979)، ومسلم في "الزكاة"، (1003)
[547]:رواه بان أبي حاتم والنسائي عن ابن عباس/12 منه. [أخرجه ابن أبي حاتم وابن مردويه والضياء عن ابن عباس مرفوعا، كما في الذر المنثور (1/631)