فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ إِذَا طَلَّقۡتُمُ ٱلنِّسَآءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحۡصُواْ ٱلۡعِدَّةَۖ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ رَبَّكُمۡۖ لَا تُخۡرِجُوهُنَّ مِنۢ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخۡرُجۡنَ إِلَّآ أَن يَأۡتِينَ بِفَٰحِشَةٖ مُّبَيِّنَةٖۚ وَتِلۡكَ حُدُودُ ٱللَّهِۚ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ ٱللَّهِ فَقَدۡ ظَلَمَ نَفۡسَهُۥۚ لَا تَدۡرِي لَعَلَّ ٱللَّهَ يُحۡدِثُ بَعۡدَ ذَٰلِكَ أَمۡرٗا} (1)

مقدمة السورة:

( 65 ) سورة الطلاق مدنية

وآياتها اثنتا عشرة .

كلماتها : 147 ؛ حروفها : 1070

بسم الله الرحمان الرحيم

{ يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة واتقوا الله ربكم لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة وتلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا ( 1 ) } .

نادى الله الحكيم نبيه الكريم عليه الصلوات والتسليم ليعلم ويعلم الأمة شرع الله فيما يكون من خصومة بين المرء وزوجه ، وحكم الطلاق وما يتصل به ، فمن كان لا بد مطلقا فليجعل طلاقه في وقت يصلح بدءا للعدة- في طهر لم يجامعها فيه ولا في حيض قبله-

روى البخاري ومسلم ومالك والشافعي وغيرهم عن ابن عمر أنه طلق امرأته وهي حائض فذكر ذلك عمر رضي الله تعالى عنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم فتغيظ فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال : ( ليراجعها ثم يمسكها حتى تطهر ثم تحيض فتطهر فإن بدا له أن يطلقها فليطلقها طاهرا قبل أن يمسها فتلك العدة التي أمر الله تعالى أن يطلق لها النساء ) . وأكملوا العدة ثلاثة قروء- أطهار من حيضات ؛ أو حيضات- وراقبوا الله تعالى واحذروا غضبه على من تجاوز ما شرع له ؛ ولا يحل للأزواج أن يخرجوا المطلقات قبل انقضاء عدتهن ، كما لا يحل للمعتدة أن تخرج ، ولا أن يأذن لها مطلقها في الخروج ، لكن إذا كان خروجها لإقامة حد عليها فتخرج ، أو لإفحاشها في القول والمعاشرة ؛ أو ربما يكون المعنى : لكن خروجها أو إخراجها فحش واضح ؛ هذه حدود الله التي حدها للناس ومن يتجاوزها فقد أضر بنفسه فأوقعها في بلاء الدنيا وعذاب الآخرة ، فإن المطلق ليعلم ماذا يكون ؟ فربما صرف الله قلبه إلى حبها بعد بغض ، وإلى ألفة بعد نفور ؛ فإذا وقف عند حدود الله سهل عليه تدارك ما فات ، أما إذا تجاوز فقد لا يستطيع تلافي الضرر لا برجعة ولا باستئناف نكاح .