الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{وَلَمَّا وَرَدَ مَآءَ مَدۡيَنَ وَجَدَ عَلَيۡهِ أُمَّةٗ مِّنَ ٱلنَّاسِ يَسۡقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ ٱمۡرَأَتَيۡنِ تَذُودَانِۖ قَالَ مَا خَطۡبُكُمَاۖ قَالَتَا لَا نَسۡقِي حَتَّىٰ يُصۡدِرَ ٱلرِّعَآءُۖ وَأَبُونَا شَيۡخٞ كَبِيرٞ} (23)

{ مَاءَ مَدْيَنَ } ماءهم الذي يستقون منه ، وكان بئراً فيما روي . ووروده : مجيئه والوصول إليه { وَجَدَ عَلَيْهِ } وجد فوق شفيره ومستقاه { أُمَّةً } جماعة كثيفة العدد { مِنَ الناس } من أناس مختلفين { مِن دُونِهِمُ } في مكان أسفل من مكانهم . والذود : الطرد والدفع وإنما كانتا تذودان ؛ لأنّ على الماء من هو أقوى منهما فلا يتمكنان من السقي . وقيل : كانتا تكرهان المزاحمة على الماء . وقيل : لئلا تختلط أغنامهما بأغنامهم ، وقيل : تذودان عن وجوههما نظر الناظر لتسترهما { مَا خَطْبُكُمَا } ما شأنكما . وحقيقته : ما مخطوبكما ، أي : مطلوبكما من الذياد ، فسمى المخطوب خطباً ، كما سمى المشئون شأناً في قولك : ما شأنك ؟ يقال : شأنت شأنه ، أي : قصدت قصده . وقرىء «لا نسقي » و«يصدر » . و«الرعاء » بضم النون والياء والراء . والرعاء : اسم جمع كالرخال والثناء . وأما الرعاء بالكسر فقياس ، كصيام وقيام { كَبِيرٌ } كبير السن .