بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَلَمَّا وَرَدَ مَآءَ مَدۡيَنَ وَجَدَ عَلَيۡهِ أُمَّةٗ مِّنَ ٱلنَّاسِ يَسۡقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ ٱمۡرَأَتَيۡنِ تَذُودَانِۖ قَالَ مَا خَطۡبُكُمَاۖ قَالَتَا لَا نَسۡقِي حَتَّىٰ يُصۡدِرَ ٱلرِّعَآءُۖ وَأَبُونَا شَيۡخٞ كَبِيرٞ} (23)

قوله عز وجل : { وَلَمَّا وَرَدَ مَاء مَدْيَنَ } ومدين بن إبراهيم عليهما السلام وكانت البير تنسب إليه الماء ، وصار مدين اسم قبيلة { وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً } أي : جماعة { مّنَ الناس يَسْقُونَ } أي وجد على الماء جماعة من الناس يسقون أنعامهم وأغنامهم . ويقال : هم أربعون رجلاً ويقال : عشرة رجال { وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ } يعني : من دون الناس { امرأتين تَذُودَانِ } أي : تطردان وقال سعيد بن جبير : يعني : حابستان ويقال تحسبان غنمهما . وقال القتبي : تذودان ، أي تكفان غنمهما ، وحذف الغنم اختصاراً . ويقال كانتا تحبسان الغنم لكيلا تختلط بغيرها . ويقال : تحسبان الغنم لتصدر مواشي الناس ، وتسقيان بفضل الماء ، ومما فضل من أغنام الناس ، وهما ابنتا شعيب النبي عليه السلام { قَالَ } لهما موسى { مَا خَطْبُكُمَا } أي : ما شأنكما ترعيان الغنم مع الرجال ، وما بالكما لا تسقيان { قَالَتَا لاَ نَسْقِي حتى يُصْدِرَ الرعاء } قرأ أبو عمرو وابن عامر { يُصْدِرَ } بنصب الياء ، وضم الدال . وقرأ الباقون { يُصْدِرَ } بضم الياء ، وكسر الدال ، فمن قرأ بالنصب ، فهو من مصدر صدر إذا رجع من الماء ، ومعناه لا نسقي حتى يرجع الرعاء ، ونسقي بفضلهم ، لأنا لا نقدر أن نسقي ، وأن نزاحم الرجال ، إذا صدروا سقينا بفضل مواشيهم ، ومن قرأ { يُصْدِرَ } بالضم ، فهو من أصدر يصدر ، والمعنى حتى يصدر الرعاة أغنامهم { وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ } لم يقدر على الخروج ، وليس له عوناً يعينه غيرنا فرجع الرعاة ووضعوا صخرة على البئر ، فانتهى موسى إلى البئر ، وقد أطبقت عليها الصخرة ، فاقتلعها ثم سقى لهما حتى روتا أغنامهما .