أخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : خرج موسى عليه السلام خائفاً جائعاً ليس معه زاد حتى انتهى إلى ماء مدين وعليه أمة من الناس يسقون ، وامرأتان جالستان بشياههما ، فسألهما ما خطبكما ؟ { قالتا لا نسقي حتى يصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير } قال : فهل قربكما ماء قالتا : لا . . . إلا بئر عليها صخرة قد غطيت بها لا يطيقها نفر قال : فانطلقا فأريانيها . فانطلقتا معه فقلب بالصخرة بيده ، فنحاها ثم استقى لهما سجلاً واحداً فسقى الغنم ، ثم أعاد الصخرة إلى مكانها ، ثم تولى إلى الظل فقال : { رب إني لما أنزلت إليَّ من خير فقير } فسمعتا ما قال ، فرجعتا إلى أبيهما فاستنكر سرعة مجيئهما ، فسألهما فاخبرتاه فقال لإِحداهما : انطلقي فادعيه فأتته فقالت : { إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا } فمشت بين يديه فقال لها : امشي خلفي ، فإني امرؤ من عنصر إبراهيم لا يحل لي أن أنظر منك ما حرم الله علي ، وأرشديني الطريق .
{ فلما جاءه وقص عليه القصص . . . ، قالت إحداهما : يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين } قال لها أبوها : ما رأيت من قوّته وأمانته ؟ فأخبرته بالأمر الذي كان قالت : أما قوّته فإنه قلب الحجر وحده ، وكان لا يقلبه إلا النفر . وأما أمانته فإنه قال : امشي خلفي وارشديني الطريق ، لأني امرؤ من عنصر إبراهيم عليه السلام ، لا يحل لي منك ما حرمه الله تعالى . قيل لابن عباس رضي الله عنهما . أي الأجلين قضى موسى عليه السلام ؟ قال : أبرهما وأوفاهما .
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة في المصنف وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : إن موسى عليه السلام لما ورد ماء مدين وجد عليه أمة من الناس يسقون ، فلما فرغوا أعادوا الصخرة على البئر ولا يطيق رفعها إلا عشرة رجال ، فإذا هو بامرأتين { قال ما خطبكما } فحدثتاه . فأتى الصخرة فرفعها وحده ثم استسقى ، فلم يستق إلا دلواً واحداً حتى رويت الغنم .
فرجعت المرأتان إلى أبيهما فحدثتاه ، وتولى موسى عليه السلام إلى الظل { فقال رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير } قال : { فجاءته إحداهما تمشي على استحياء } واضعة ثوبها على وجهه ليست بسلفع من الناس خراجة ولاجة { قالت إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا } فقام معها موسى عليه السلام فقال لها : امشي خلفي وانعتي لي الطريق ، فإني أكره أن تصيب الريح ثيابك فتصف جسدك . فلما انتهى إلى أبيها قص عليه فقالت احداهما { يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوى الأمين } قال : يا بنية ما علمك بأمانته وقوته ؟ قالت : أما قوّته : فرفعه الحجر ولا يطيقه إلا عشرة رجال ، وأما أمانته ، فقال : امشي خلفي وانعتي لي الطريق ، فإني أكره أن تصيب الريح ثيابك فتصف لي جسدك فزاده ذلك رغبة فيه فقال { إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين } إلى قوله { ستجدني إن شاء الله من الصالحين } أي في حسن الصحبة والوفاء بما قلت قال موسى عليه السلام { ذلك بيني وبينك أيما الأجلين قضيت فلا عدوان علي } قال : نعم . { قال الله على ما نقول وكيل } فزوّجه وأقام معه يكفيه ، ويعمل له في رعاية غنمه وما يحتاج إليه ، وزوّجه صفورا ، وأختها شرفا ، وهما التي كانتا تذودان .
وأخرج أحمد في الزهد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله { ولما ورد ماء مدين } قال : ورد الماء حيث ورد وأنه لتتراءى خضرة البقل من بطنه من الهزال .
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : خرج موسى عليه السلام من مصر إلى مدين وبينه وبينها ثمان ليال ، ولم يكن له طعام إلا ورق الشجر ، وخرج إليها حافياً فما وصل حتى وقع خف قدمه .
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة { ولما ورد ماء مدين } قال : كان مسيره خمسة وثلاثين يوماً .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.