اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{فَغَشَّىٰهَا مَا غَشَّىٰ} (54)

قوله : «فَغَشَّاهَا » أي ألْبَسَهَا الله «ما غشى » يعني الحجارة المصورة المسوَّمة{[53792]} . وقوله «مَا غَشَّى » كقوله «مَا أَوْحَى » في الإبهام{[53793]} وهو المفعول الثاني إن قلنا : إن التضعيف للتعدية ، وإن قلنا : إنه للمبالغة والتكثير فتكون «ما » فاعله كقوله : { فَغَشِيَهُم مِّنَ اليم مَا غَشِيَهُمْ } [ طه : 78 ] والمؤتفكة المنقلبة . وقرئ : والْمُؤْتَفِكَاتُ{[53794]} .

فإن قيل : إذا كان معنى «المؤتفكة » المنقلبة ومعنى «أهوى » قلبها فيكون المعنى والمنقلبة قلبها وقلب المنقلبة تحصيل حاصل .

فالجواب : أن معناه المنقلبة ما انقلبت بنفسها بل الله قَلَبَها فانْقَلَبَتْ{[53795]} .


[53792]:القرطبي المرجع السابق.
[53793]:والتفخيم. وهو غرض بلاغيّ من إقامة اسم الموصول مقام الظاهر.
[53794]:ونسبها أبو حيان للحسن. انظر البحر 8/170 والكشاف 4/34.
[53795]:وهو رأي الإمام الفخر الرازي 15/25.