قوله : { أَفَمِنْ هذا الحديث } متعلق ب «تَعْجَبُونَ » ولا يجيء فيه الإعمال ، لأن من شرط الإعمال تأخير المعمول عن العوامل ، وهنا هو متقدم ، وفيه خلاف بعيد . وعليه تتخرج الآية الكريمة فإن كُلاًّ من قوله : «تَعْجَبُونَ » و«تَضْحَكُونَ » و«لاَ تَبْكُونَ » يطلب هذا الجار من حيث المعنى .
والعامة على فتح التاء والجيم من «تَعْجَبُون » و«تَضْحَكُون » . والحسن بضم التاء وكسر الجيم والحاء من غير واو عاطفة بين الفعلين{[53813]} . وهي أبلغ من حيث إنهم إذا أضحكوا غيرهم كان تجرؤهم أكثر .
وقرأ أُبَيٌّ وعبدُ الله كالجماعة ، إلا أنهما بلا واوٍ{[53814]} عاطفة كالحَسَن ، فيحتمل أن يكون يضحكون حالاً ، وأن يكون استثناءً كالتي قبلها .
قال المفسرون : المراد بالحديث القرآن . قال ابن الخطيب : ويحتمل أن يكون إشارة إلى حديث أزفت الآزفة ، فإنهم كانوا يتعجبون من حَشْر الأجساد ، والعظام البالية . وقوله : ( وَتَضْحَكُونَ ) أي استهزاء من هذا الحديث كقوله تعالى في حق موسى - عليه الصلاة والسلام - : { فَلَمَّا جَاءَهُم بِآيَاتِنَا إِذَا هُم مِّنْهَا يَضْحَكُونَ } [ الزخرف : 47 ] .
ويحتمل أن يكون إنكاراً على مطلق الضحك مع سماع حديث القيامة أي أتضحكون وقد سمعتم أن القيامة قربت فكان حقاً أن لا تضحكوا حينئذ{[53815]} .
وقوله : «وَلاَ تَبْكُونَ » مما تسمعون من الوعيد ، روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ما رؤي بعد هذه الآية ضاحكاً إلا تبسماً . وقال أبو هريرة : «لما نزل قوله { أَفَمِنْ هذا الحديث تَعْجَبُونَ } الآية قال أهل الصفة : «إنا لِلَّهِ وَإِنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ » ثم بكَوْا حتى جرت دموعهم على خدودهم ، فلما سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بكاءهم بكى معهم فبكينا لبكائه ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : لاَ يَلِجُ النَّار مَنْ بَكَى مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ ، وَلاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مُصرٌّ علَى مَعْصِيَةِ اللَّهِ ، وَلَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللَّهُ بكم ، وَأَتى بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ فيَغْفِرُ لَهُمْ وَيَرْحَمُهُمْ إنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ »{[53816]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.