قوله { إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ الله } على إضمار القول ، أي : يقولون بألسنتهم لليتيم والمسكين والأسير إنما نطعمكم في الله - جل ثناؤه - فزعاً من عذابه وطمعاً في ثوابه { لاَ نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَآءً وَلاَ شُكُوراً } أي : ولا تثنوا علينا بذلك .
قال ابن عباس : كذلك كانت نيَّاتهم في الدنيا حين أطعموا{[58871]} .
وعن مجاهد : أما إنهم ما تكلموا به ، ولكن علمه الله منهم ، فأثنى به عليهم ليرغب في ذلك راغب{[58872]} .
قيل : هذه الآيات نزلت في مطعم بن ورقاء الأنصاري نذر نذراً فوفى به .
وقيل : نزلت فيمن تكفل بأسرى بدر ، وهم سبعة من المهاجرين : أبو بكر ، وعمر ، وعلي ، والزبير ، وعبد الرحمن بن عوف ، وسعيد ، وأبو عبيدة - رضي الله عنهم - ذكره الماوردي .
وقال مقاتل : نزلت في رجل من الأنصار أطعم في يوم واحد مسكيناً ، ويتيماً ، وأسيراً{[58873]} .
وقيل : نزلت في علي وفاطمة - رضي الله عنهما - وجارية لهما اسمها فضة .
قال القرطبي{[58874]} : نزلت في جميع الأبرار ، ومن فعل فعلاً حسناً ، فهي عامة ، وما ذكر عن عليٍّ ، وفاطمة لا يصح .
وروى جابر الجعفي في قوله تعالى : { يُوفُونَ بالنذر } ، عن قنبر مولى علي - رضي الله عنه - قال : مرض الحسن والحسين حتى عادهما أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أبو بكر - رضي الله عنه - : يا أبا الحسن لو نذرت عن ولديك نذراً ، فقال عليٌّ - رضي الله عنه - إن برأ ولدي صمت ثلاثة أيام شكراً .
وقالت فاطمة - رضي الله عنها - مثل ذلك ، وقال الحسن والحسين مثل ذلك وذكر الحديث . قال أهل الحديث : جابر الجعفي كذاب .
قال ابن الخطيب{[58875]} : اعلم أن الإحسان إلى الغير تارة يكون لأجل الله ، وتارة يكون لغير الله ، إما طلباً لمكافأة أو طلباً لحمدٍ وثناء ، وتارة يكون لهما ، وهذا هو الشرك ، والأول هو المقبول عند الله ، وأما القسمان الباقيان فمردودان ، قال تعالى : { لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بالمن والأذى كالذي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَآءَ الناس } [ البقرة : 264 ] .
وقال تعالى : { وَمَآ آتَيْتُمْ مِّن رِّباً لِّيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ الناس فَلاَ يَرْبُو عِندَ الله وَمَآ آتَيْتُمْ مِّن زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ الله فأولئك هُمُ المضعفون } [ الروم : 39 ] ، ولا شك أن التماس الشكر من جنس المنّ والأذى ، إذا عرفت ذلك فنقول : القوم لما قالوا : «إنَّما نُطعِمكُمْ لوجْهِ اللهِ » بقي فيه احتمال ، أنه أطعمه لوجه الله ولسائر الأغراض على سبيل التشريك ، فلا جرم نفى هذا الاحتمال بقوله تعالى : { لاَ نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَآءً وَلاَ شُكُوراً } .
الشُّكور والكُفور : مصدران ك «الشكر والكفر » وهو على وزن «الدُّخول والخُروج » هذا قول جمهور أهل اللغة .
وقال الأخفش : إن شئت جعلت الشكور ، جماعة الشكر ، وجعلت الكفور في قوله تعالى : { فأبى الظالمون إَلاَّ كُفُوراً } مثل «برد وبرود » وإن شئت جعلته مصدراً واحداً في معنى جمع مثل : قعد قعوداً ، وخرج خروجاً .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.