اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{خُلِقَ مِن مَّآءٖ دَافِقٖ} (6)

قوله : { مِن مَّآءٍ دَافِقٍ } . فاعل بمعنى مفعول [ كعكسه في قولهم : سيل مفعم ]{[59813]} ، كقوله تعالى : { حِجَاباً مَّسْتُوراً } [ الإسراء : 45 ] على وجه .

وقيل : «دافِق » على النسب ، أي : ذو دفق أو اندفاقٍ .

وقال ابنُ عطية{[59814]} : يصح أن يكون الماء دافقاً ؛ لأن بعضه يدفق بعضاً ، أي : يدفقه ، فمنه دافق ، ومنه مدفوق انتهى .

والدَّفقُ : الصَّبُّ ، ففعله متعدٍّ .

وقرأ زيد{[59815]} بن علي : «مَدْفُوقٍ » وكأنَّه فسر المعنى .

قال القرطبيُّ{[59816]} : الصبُّ : دفقُ الماء ، دفقت الماء ، أدفقُه دفقاً ، أي : صببته فهو ماء دافق ، أي : مدفوق ، كما قالوا : سرٌّ كاتم ، أي : مكتوم ؛ لأنه من قولك : دُفق الماء على ما لم يسم فاعله ، ولا يقال : دَفق الماء ، ويقال : دفق الله روحه : إذا دعى عليه بالموت .

قال الفرَّاء والأخفش : «ماءٍ دافقٍ » : أي مصبوب في الرَّحمِ .

وقال الزجاج : «مِن ماءٍ ذي انْدفاقٍ » ، يقال : دَارع ، وفَارِس ، ونَابِل ، أي ذو فَرسٍ ودِرعٍ ونَبلٍ ، وهذا مذهب سيبويه .

والدَّافق : هو المندفق بشدة قوته ، وأراد ماءين : ماء الرجل وماء المرأة ؛ لأن الإنسان مخلوق منهما ، لكن جعلهما ماءً واحداً لامتزاجهما .

وقال ابن عباس : «دافق » لزج{[59817]} .


[59813]:سقط من: ب.
[59814]:المحرر الوجيز 5/465.
[59815]:ينظر : البحر المحيط 8/449، والدر المصون 6/507.
[59816]:الجامع لأحكام القرآن 20/5.
[59817]:ذكره القرطبي في "تفسيره" (20/4)، عن ابن عباس.