اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{ٱلَّذِي خَلَقَ فَسَوَّىٰ} (2)

قوله : { الذي خَلَقَ فسوى } .

قال ابن الخطيب{[59883]} : يحتمل أن يريد النَّاس خاصة ، ويحتمل أن يريد الحيوان ، ويحتمل أن يريد كل شيء خلقه الله تعالى ، فمن حمله على الإنسان ذكر للتسوية وجوهاً :

أحدها : اعتدال قامته ، وحسن خلقته على ما قال تعالى : { لَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان في أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ } [ التين : 4 ] وأثنى على نفسه بسبب خلقه إياه بقوله تعالى : { فَتَبَارَكَ الله أَحْسَنُ الخالقين } [ المؤمنون : 14 ] .

وثانيها : أن كل حيوان مستعد لنوعٍ واحدٍ من الأعمال فقط ، وأما الإنسان ، فإنه خلقه بحيثُ يمكنه أن يأتي بجميع الأعمال بواسطة الآلات .

وثالثها : أنه - تعالى - هيأه للتكليف ، والقيام بأداء العبادات .

قال بعضهم : خلق في أصلاب الآباء ، وسوَّى في أرحام الأمهات ، ومن حمله على جميع الحيوانات ، فمعناه : أنه أعطى كلَّ حيوان ما يحتاج إليه من آلاتٍ ، وأعضاء ، ومن حمله على جميع المخلوقات كان المراد من التسوية هو أنه - تعالى - قادر على كل الممكنات ، علم بجميع المعلومات ، يخلق ما أراد على وفق إرادته موصوفاً بالإحكام والإتقان ، مبرأ عن النقص والاضطراب .


[59883]:الفخر الرازي 31/126.