اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{لَّقَد تَّابَ ٱللَّهُ عَلَى ٱلنَّبِيِّ وَٱلۡمُهَٰجِرِينَ وَٱلۡأَنصَارِ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ ٱلۡعُسۡرَةِ مِنۢ بَعۡدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٖ مِّنۡهُمۡ ثُمَّ تَابَ عَلَيۡهِمۡۚ إِنَّهُۥ بِهِمۡ رَءُوفٞ رَّحِيمٞ} (117)

قوله : { لَقَدْ تَابَ الله على النبي والمهاجرين والأنصار } الآية .

لمَّا شرح أحوال غزوة تبوك ، وأحوال المتخلِّفين عنها ، عاد إلى شرح ما بقي من أحكامها فقال : { لَقَدْ تَابَ الله على النبي } الآية . تاب الله : تجاوز وصفح ، ومعنى توبته على النبيِّ : مؤاخذته بإذنه للمنافقين في التخلُّف ، فقال : { عَفَا الله عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ } [ التوبة : 43 ] ، وعلى المؤمنين من ميل قلوب بعضهم إلى التخلُّفِ عنه .

وقيل : توبةُ الله عليهم استنقاذهم من شدَّةِ العسرةِ . وقيل : خلاصهم من نكايةِ العدوِّ وعبَّر عن ذلك بالتوبة - وإن خرج عن عرفها - لوجود معنى التَّوبة فيه ، وهو الرُّجُوع إلى الحالة الأولى . وقيل : افتتح الكلام به ؛ لأنَّه كان سبب توبتهم ، فذكره معهم ، كقوله تعالى : { فَأَنَّ للَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ } [ الأنفال : 41 ] . وقيل : لا يبعدُ أن يكون صدر عن أولئك الأقوام أنواع من المعاصي ، إلاَّ أنَّه تعالى تاب عليهم ، وعفا عنهم ، لأجْلِ تحملهم مشاق السفر في شدة الحر للجهاد ، ثم إنَّه تعالى ضمَّ ذكر الرسول إلى ذكرهم ، تنبيهاً على عظم مراتبهم في الدِّين وأنهم قد بلغوا إلى الدرجة التي لأجلها ضم الرسول - عليه الصلاة والسلام - إليهم في قبول التوبة .

قوله : " . . . اتبعوه " يجوز فيه وجهان :

أحدهما : أنَّهُ اتباعٌ حقيقي ، ويكون عليه الصلاة والسلام خرج أولاً ، وتبعه أصحابه . وأن يكون مجازاً ، أي : اتبعوا أمرهُ ونهيهُ . وساعةُ العُسْرة عبارةُ عن وقتِ الخروج إلى الغزوِ ، وليس المرادُ حقيقة السَّاعة ، بل كقولهم " يَوْم الكُلاَب " ، و : [ الطويل ]

. . . *** عَشِيَّة قَارعْنَا جُذَامَ وحمْيَرا{[18204]}

فاستعيرت " السَّاعة " لذلك ؛ كما استعير " الغداة " و " العَشيَّة " في قوله : [ الطويل ]

غَداةَ طفَتْ عَلماءِ بكرُ بنُ وَائِلٍ *** . . . {[18205]}

وقوله : [ الطويل ]

إذَا جَاءَ يَوْماً وارثي يبتَغِي الغِنَى *** . . . {[18206]}

فصل

في المراد بساعة العسرةِ قولان :

الأول : أنها غزوةُ تبوك ، والمرادُ منها الزمان الذي صعب الأمر عليهم جدّاً في ذلك السَّفرِ . والعسرة : تعذر الأمر وصعوبته . قال جابِر " حصلت عسرة الظهر ، وعسرة الماءِ ، وعسرة الزَّادِ " {[18207]} .

أمَّا عُسرةُ الظهرِ ؛ فقال الحسنُ : كان العشرةُ من المسلمين يخرجون على بعير يعتقبونه بينهم{[18208]} .

وأمَّا عسرة الزَّادِ ، فربما مصَّ التمرة الواحدة جماعة يتناوبونها ، حتَّى لا يبقى من التَّمرة إلاَّ النواة ، وكان معهم شيء من شعير مُسَوَّسٍ ، فكان أحدهم إذا وضع اللُّقْمَة في فيه أخذ أنفه من نتن اللُّقمةِ . وأمَّا عسرة الماءِ ، فقال عمرُ : خرجنا في قيظٍ شديدٍ ، وأصابنا فيه عطشٌ شديدٌ ؛ حتَّى إنَّ الرجُل لينحر بعيرهُ فيعصر فرثهُ ، ويشربهُ{[18209]} .

وهذه تسمى غزوة العسرة{[18210]} ، ومن خرج فيها فهو جيش العُسرةِ ، وجهزهم عثمان وغيره من الصَّحابة - رضي الله عنهم - .

والثاني : قال أبو مسلم " يجوزُ أن يكون المراد بساعة العسرة جميع الأحوال ، والأوقات الشديدة على الرَّسُولِ ، وعلى المؤمنين ؛ فيدخل فيه غزوة الخندق وغيرها . وقد ذكر الله تعالى بعضها في القرآن ، كقوله : { وَإِذْ زَاغَتِ الأبصار وَبَلَغَتِ القلوب الحناجر } [ الأحزاب : 10 ] وقوله : { وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ الله وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حتى إِذَا فَشِلْتُمْ } [ آل عمران : 152 ] الآية ، والمقصود منه وصف المهاجرين ، والأنصار بأنَّهُم اتَّبعُوا الرَّسول - عليه الصلاة والسلام - في الأوقات الشديدة والأحوال الصعبة ، وذلك يفيدُ نهاية المدح والتعظيم " .

قوله : { مِن بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ } قرأ حمزة وحفص{[18211]} عن عاصم " يَزِيغُ " بالياءِ من تحت والبقاون بالتاء من فوق . فالقراءةُ الأولى تحتمل أن يكون اسمُ " كاد " ضمير الشَّأن و " قلوبُ " مرفوع ب " يزيغُ " ، والجملةُ في محلِّ نصبٍ خبراً لها ، وأن يكونَ اسمها ضمير القوم ، أو الجمع الذي دلَّ عليه ذكرُ " المهاجرين والأنصار " ، ولذلك قدَّرهُ أبو البقاءِ ، وابنُ عطيَّة : " من بعد مَا كَادَ القَوْمُ " . وقال أبو حيان{[18212]} - في هذه القراءة - " فيتعيَّن أن يكونَ في " كاد " ضميرُ الشَّأن ، وارتفاع " قُلوبُ " ب " يزيغُ " ، لامتناع أن يكون " قلوب " اسم " كاد " ، و " يزيغُ " في موضع الخبر ؛ لأنَّ النِّيةَ فيه التأخير ولا يجوزُ : من بعد ما كاد قلوب يزيغُ بالياء " قال شهابُ الدِّين{[18213]} : ولا يتعيَّن ما ذكر في هذه القراءة ، لما تقدَّم من أنَّهُ يجوزُ أن يكون اسمُ " كاد " ضميراً عائداً على الجمع أو القوم ، والجملة الفعليَّة خبرها ، ولا محذور يمنع ذلك من ذلك . وقوله : لامتناع أن يكون " قُلُوب " اسم " كَادَ " لزم أن يكون " يزيغُ " خبراً مقدماً ؛ فيلزمُ أن يرفع ضميراً عائداً على " قُلوبُ " ، ولو كان كذلك للزم تأنيثُ الفعل ؛ لأنَّهُ حينئذٍ مسندٌ إلى ضمير مؤنث مجازي ؛ لأنَّ جمع التَّكسير يجري مجرى المؤنث مجازاً . وأمَّا قراءة التَّاء من فوق ؛ فتحتمل أن يكون في " كَادَ " ضميرُ الشَّأن ، كما تقدَّم ، و " قلوبُ " مرفوع ب " تزيغُ " وأنَّثَ لتأنيث الجمع ، وأن يكون " قُلوب " اسمها ، و " تزيغُ " خبر مقدَّم ، ولا محذور في ذلك ؛ لأنَّ الفعل قد أنَّثَ .

وقال أبُو حيَّان{[18214]} : وعلى كُلِّ واحدٍ من هذه الأعرايب الثلاثة إشكال على ما تقرَّر في علم النَّحو مِنْ أنَّ خبر أفعالِ المقاربةِ لا يكون إلاَّ مضارعاً رافعاً ضمير اسمها ؛ فبعضهم أطلق وبعضهم قيَّد بغير " عَسَى " من أفعال المقاربة ، ولا يكونُ سببياً ، وذلك بخلاف " كان " فإن خبرها يرفع الضمير والسبي لاسم " كان " ، فإذا قدَّرْنَا فيها ضمير الشَّأن كانت الجملةُ في موضع نصب على الخبرِ ، والمرفوعُ ليس ضميراً يعود على اسم " كاد " ، بل ولا سبباً له ، وهذا يلزمُ في قراءة التَّاءِ أيضاً .

وأما توسط الخبر ؛ فهو مبنيٌّ على جوازِ مثل هذا التركيب في مثل : " كان يقُومُ زيد " ، وفيه خلافٌ والصحيحُ المنع . وأمَّا الوجه الأخير ؛ فضعيف جداً ، من حيثُ أضمر في " كاد " ضميراً ، ليس له علىمن يعود إلاَّ بتوهُّم ومن حيثُ يكونُ خبر " كاد " رافعاً سببياً . قال شهابُ الدِّين{[18215]} : كيف يقولُ " والصَّحيحُ المنعُ " وهذا التركيب موجود في القرآن ، كقوله تعالى : { مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ } [ الأعراف : 137 ] { كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا } [ الجن : 4 ] ، وفي قول امرىء القيس : [ الطويل ]

وإنْ تَكُ سَاءَتْكَ مِنِّي خَليقَةٌ *** . . . {[18216]}

فهذا التركيبُ واقعٌ لا محالة . وإنَّما اختلفوا في تقديره : هل من باب تقديم الخبر ، أم لا ؟ فمن منع ؛ لأنه كباب المبتدأ والخبر الصريح ، والخبرُ الصريح متى كان كذلك ؛ امتنع تقديمهُ على المبتدأ ، لئلاَّ يلتبس بباب الفاعل ؛ فكذلك بعد نسخه ، ومن أجازَ فلأمن اللَّبْس . ثم قال أبُو حيَّان : " ويُخَلِّصُ من هذه الإشكالات اعتقادُ كون " كَادَ " زائدة ، ومعناها مراد ، ولا عمل لها إذ ذاك في اسم ولا خبر ، فتكُون مثل " كَانَ " إذا زيدتْ ، يُراد معناها ولا عمل لها ، ويؤيِّدُ هذا التأويل قراءةُ ابن مسعودٍ{[18217]} " مِنْ بعْدِ ما زَاغَتْ " بإسقاط " كاد " وقد ذهب الكوفيون إلى زيادتها في قوله تعالى : { لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا } [ النور : 40 ] مع تأثُّرها بالعامل وعملها فيما بعدها ؛ فأحرى أن يُدَّعَى زيادتها ، وهي ليست عاملةً ولا معمولةً " قال شهابُ الدِّين زيادتُها أباهُ الجمهور ، وقال به من البصريين الأخفشُ وجعل منه { أَكَادُ أُخْفِيهَا } [ طه : 15 ] وتقدَّم الكلام [ البقرة : 205 ] على ذلك . وقرأ الأعمشُ{[18218]} ، والجحدريُّ " تُزيغ " بضم التاء ، وكأَّنه جعل " أزَاغَ " ، و " زَاغَ " بمعنى . وقرأ أبَيّ{[18219]} " كَادَتْ " بتاء التأنيث .

فصل

" كاد " عند بعضهم تفيد المقاربة ، وعند آخرين تفيدُ المقاربة مع عدم الوقوع و " الزيغ " الميل ، أي : من بعد ما كاد تميلُ قلوب فريق منهم ، أو بعضهم ، ولم يرد الميل عن الدِّين بل أراد الميل للتخلف ، والانصراف ؛ فهذه التوبةُ توبةٌ عن تلك المقاربة .

واختلفوا في الذي وقع في قلوبهم ، فقيل : هَمَّ بعضهم عند تلك الشدَّة العظيمة أن يفارق الرسول ، لكنه صبر واحْتَسبَ ؛ فلذلك قال تعالى : { ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ } لمَّا صبرُوا وندمُوا على ذلك الأمر اليسير . وقال آخرون : بل كان ذلك تحدث النفس الذي كان مقدمة العزيمة ، فلمَّا نالتهم الشِّدة ، وقع ذلك في قلوبهم ، ومع ذلك تلافوا هذا اليسيرَ خوفاً من أن يكون معصية ؛ فلذلك قال تعالى : { ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ } .

فإن قيل : ذكر التوبة في أوَّل الآية ، وفي آخرها ، فما فائدة التَّكرارِ ؟

فالجوابُ من وجوه :

أحدها : أنَّهُ تعالى ابتدأ بذكر التَّوبةِ قبل ذكرِ الذَّنبِ تَطْيباً لقلوبهم ثم لمَّا ذكر الذَّنبَ أردفه مرة أخرى بذكر التوبة ؛ تعظيماً لشأنهم .

وثانيها : إذا قيل : عفا السُّلطان عن فلان ثمَّ عفا عنه ، دلَّ على أنَّ ذلك العفو متأكد بلغ الغاية القصوى في الكمالِ والقوَّةِ ، قال عليه الصلاة والسلام : " إنَّ اللهَ ليغفِرُ ذَنْبَ الرَّجُلِ المُسلمِ عشرينَ مرَّة " {[18220]} وهذا معنى قول ابنِ عبَّاس في قوله : { ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ } يريدُ ازداد عنهم رضا{[18221]} . قال ابنُ عبَّاسٍ : مَنْ تاب اللهُ عليه لمْ يُعذِّبْه أبَداً{[18222]} . وتقدمت هذه الآثار في سورة النساء .

وثالثها : أنه قال { لَقَدْ تَابَ الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه فِي سَاعَةِ العسرة } وهذا الترتيبُ يدلُّ على أنَّ المراد أنَّهُ تعالى تاب عليهم من الوساوس التي كانت تقعُ في قلوبهم في ساعة العسرةِ ، ثمَّ إنه تعالى زاد عليه فقال : { مِن بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِّنْهُمْ } فهذه الزيادة أفادت حصول وساوس قوية ، فلا جرم أتبعها تعالى بذكر التوبة مرة أخرى لئلاَّ يبقى في خاطر أحدٍ شك في كونهم مؤاخذين بتلك الوساوس . ثمَّ قال تعالى { إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ } وهما صفتان لله تعالى ، ومعناهما متقارب ، ويمكنُ أن تكون الرَّأفة عبارة عن إزالة الضَّرر ، والرحمة عبارة عن إيصال المنفعة .

وقيل : إحداهما للرَّحمة السَّالفة ، والأخرى للمستقبلة .


[18204]:البيت لزفر بن الحارث وتمامه: وكنا حسبنا كل بيضاء شحمة *** عشية لاقينا جذام وحميرا ينظر: الحماسة 1/155، الكشاف 2/218، المغني 2/636 العيني 2/382، التصريح 1/249، شرح الألفية لابن الناظم 197، المقاصد النحوية 2/382، أوضح المسالك 2/431، الدر المصون 3/509.
[18205]:صدربيت وقائله قطري بن الفجاءة وعجزه: وعاجت صدور الخيل شطر تميم *** ... ينظر: ديوانه ص (174) الوساطة (450)، ابن الشجري 97، البحر 5/110، معاني الفراء 2/377، الكشاف 2/248، شرح شواهد الشافية 498، أسرار العرية ص (429)، شرح المفصل 10/154، 155، الحماسة 1/221، الدر المصون 3/509.
[18206]:صدر بيت لحاتم الطائي وهو في الديوان (46) ورروايته هكذا: متى يأت يوما وارثي يبتغي الغنى *** يجد جمع كف غير ملء وللصفر ينظر: الكشاف 2/218، البحر 5/218، البحر 5/111، الدر المصون 3/509.
[18207]:أخرجه الطبري في "تفسيره" (6/502).
[18208]:ذكره البغوي في "تفسيره" (2/323).
[18209]:المصدر السابق.
[18210]:عزوة تبوك: في شهر رجب من السنة التاسعة للهجرة-لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من حصار الطائف إلى المدينة بلغه أن هرقل ملك الروم ومن عنده من منتصرة العرب قد حشدوا له جمعا كثيرا يريدون غزوه في عقر داره فأراد أن يلاقيهم على حدود بلادهم قبل أن يغشوه على غرة فسار بجيشه حتى وصل تبوك. وكانت الروم قد بلغها أمر هذا الجيش وقوته فآثرت الانسحاب بجيشها لتتحصن في داخل بلاد الشام فرأى النبي عليه الصلاة والسلام أن من الحكمة ألا يتبعهم داخل بلادهم فلم يتبعهم وهناك جاءه يوحنا بن رؤبة فصالحه على الجزية كما صالحه أهل جرباء وأهل أذرح من بلاد الشام- وأرسل رسول الله خالد بن الوليد إلى أكيدر بن عبد الملك صاحب دومة الجندل فأتى به خالد أسيرا بعد ان قتل أخاه فحقن رسول الله صلى الله عليه وسلم دمه، وصالحه على الجزية وأخلى سبيله وأقام بضع عشرة ليلة لم يقدم عليه الروم، ولا العرب المتنصرة فعاد إلى المدينة ولما بلغ ملك الروم ما فعله يوحنا أمر بقتله، وصلبه عند قريته. لم يكن من المعقول بعد ذلك أن يتهاون المسلمون فيما أصابهم من قتل رسولهم وأبطالهم ومعاهدهم الذي أمنوه على نفسه وماله بأخذ الجزية، وإعطاء العهد كماانه لم يكن معقولا أن الروم بعد أن رأوا حضور المسلمين للقصاص يكفون عن مناجزتهم والإيقاع بهم أينما وجدوا لذلك سبيلا. لهذا عاد النبي صلى الله عليه وسلم في آخر حياته إلى تجهيز جيش آخر تحت إمرة أسامة بن زيد. ولكن لم يكد يتم أمره حتى قبض الرسول صلوات الله عليه وانتقل إلى الرفيق الأعلى، وتولى أمر المسلمين بعده صاحبه أبو بكر فارتأى رضي الله عنه أن الحزم في إنفاذ هذا الجيش حتى لا يطمع في الإسلام أعداؤه ويتألب عليه خصومه، وتوالت بعد ذلك حروب الروم حتى فتح المسلمون بلادهم في عهد أبي بكر، وعمر رضي الله عنهما بعد نضال عنيف، وحروب كثيرة.
[18211]:ينظر: السبعة ص (319)، الحجة 4/234، حجة القراءات ص (325)، إعراب القراءات 1/257، إتحاف 2/100.
[18212]:ينظر: البحر المحيط 5/111.
[18213]:ينظر: الدر المصون 3/509.
[18214]:ينظر: البحر المحيط 5/112.
[18215]:ينظر: الدر المصون 3/510.
[18216]:تقدم.
[18217]:ينظر: الكشاف 2/318، المحرر الوجيز 3/793 البحر المحيط 5/112، الدر المصون 3/510.
[18218]:ينظر: السابق.
[18219]:ينظر: السابق.
[18220]:تقدم.
[18221]:تقدم.
[18222]:تقدم.