مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{لَّقَد تَّابَ ٱللَّهُ عَلَى ٱلنَّبِيِّ وَٱلۡمُهَٰجِرِينَ وَٱلۡأَنصَارِ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ ٱلۡعُسۡرَةِ مِنۢ بَعۡدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٖ مِّنۡهُمۡ ثُمَّ تَابَ عَلَيۡهِمۡۚ إِنَّهُۥ بِهِمۡ رَءُوفٞ رَّحِيمٞ} (117)

{ لَقَدْ تَابَ الله على النبى } أي تاب عليه من إذنه للمنافقين في التخلف عنه كقوله { عَفَا الله عَنكَ } [ التوبة : 43 ] { والمهاجرين والأنصار } فيه بعث للمؤمنين على التوبة ، وأنه ما من مؤمن إلا وهو محتاج إلى التوبة والاستغفار حتى النبي صلى الله عليه وسلم والمهاجرين والأنصار { الذين اتبعوه فِى سَاعَةِ العسرة } في غزوة تبوك ومعناه في وقتها . والساعة مستعملة في معنى الزمان المطلق وكانوا في عسرة من الظهر يعتقب العشرة على بعير واحد ، ومن الزاد تزودوا التمر المدود والشعير المسوس والإهالة الزنخة ، وبلغت بهم الشدة حتى اقتسم التمرة اثنان وربما مصها الجماعة ليشربوا عليها الماء ، ومن الماء حتى نحروا الإبل وعصروا كرشها وشربوه ، وفي شدة زمان من حرارة القيظ ومن الجدب والقحط { مِن بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مّنْهُمْ } عن الثبات على الإيمان أو عن اتباع الرسول في تلك الغزوة والخروج معه . وفي { كَادَ } ضمير الشأن والجملة بعده في موضع النصب وهو كقولهم «ليس خلق الله مثله » أي ليس الشأن خلق الله مثله { يزيغ } حمزة وحفص { ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ } تكرير للتوكيد { إِنَّهُ بِهِمْ رَءوفٌ رَّحِيمٌ *