بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{لَّقَد تَّابَ ٱللَّهُ عَلَى ٱلنَّبِيِّ وَٱلۡمُهَٰجِرِينَ وَٱلۡأَنصَارِ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ ٱلۡعُسۡرَةِ مِنۢ بَعۡدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٖ مِّنۡهُمۡ ثُمَّ تَابَ عَلَيۡهِمۡۚ إِنَّهُۥ بِهِمۡ رَءُوفٞ رَّحِيمٞ} (117)

قوله تعالى : { لَقَدْ تَابَ الله على النبى } ، أي تجاوز عن النبي صلى الله عليه وسلم إذنه للمنافقين بالتخلف ، كقوله : { عَفَا الله عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ حتى يَتَبَيَّنَ لَكَ الذين صَدَقُواْ وَتَعْلَمَ الكاذبين } [ التوبة : 43 ] ويقال : { لَقَدْ تَابَ الله على النبى } يعني : غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، كما ذكر في أول سورة الفتح . ثم قال : { والمهاجرين والأنصار } ، يعني : تجاوز عنهم ذنوبهم ، لما أصابهم من الشدة في ذلك الطريق .

ثم نعتهم فقال : { الذين اتبعوه فِى سَاعَةِ العسرة } ، يعني : وقت الشدة في غزوة تبوك كانت لهم العسرة في أربعة أشياء عسرة النفقة والركوب والحر والخوف { مِن بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مّنْهُمْ } ، يعني : تميل قلوب طائفة منهم عن الخروج إلى الغزو ، ويقال : من بعد ما كادوا أن يرجعوا من غزوتهم من الشدة . ويقال : هم قوم تخلفوا عنه ، ثم خرجوا فأدركوه في الطريق . { ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ } ، يعني : تجاوز عنهم . { إِنَّهُ بِهِمْ رَءوفٌ رَّحِيمٌ } ، حين تاب عليهم . قرأ حمزة وعاصم في رواية حفص { يَزِيغُ قُلُوبُ } بالياء بلفظ المذكر ، والباقون بالتاء بلفظ التأنيث . والتأنيث إذا لم يكن خفيفاً ، جاز التذكير والتأنيث ، لأن الفعل مقدم فيجوز التذكير والتأنيث .