تفسير العز بن عبد السلام - العز بن عبد السلام  
{أَلَآ إِنَّهُمۡ يَثۡنُونَ صُدُورَهُمۡ لِيَسۡتَخۡفُواْ مِنۡهُۚ أَلَا حِينَ يَسۡتَغۡشُونَ ثِيَابَهُمۡ يَعۡلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعۡلِنُونَۚ إِنَّهُۥ عَلِيمُۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ} (5)

{ يَثنون صدورهم } على الكفر { ليستخفوا } من الله – تعالى- أو على عداوة الرسول صلى الله عليه وسلم ليخفوها عنه ، أو على ما أضمروه ليخفوه على الناس ، أو كان المنافقون إذا مروا بالرسول صلى الله عليه وسلم غطوا رؤوسهم وحنوا صدورهم لئلا يراهم أو قال رجل إذا أغلقت بابي وأرخيت ستري وتغشيت ثوبي وثنيت صدري فمن يعلم بي فأخبر الله -تعالى- بذلك . { يستغشون } يلبسون ويتغطون ، قال :

أرعى النجوم ما كلفت رِعْيَتَها *** وتارة أتغشى فضل أطماري

كنى باستغشاء الثياب عن الليل ، لأنه يسترهم بظلمته كما يستترون بالثياب وكانوا يخفون أسرارهم ليلاً ، أو كانوا يغطون وجوههم وآذانهم بثيابهم بغضاً للرسول صلى الله عليه وسلم حتى لا يروه ولا يسمعوا كلامه ، أو أراد المنافقين لأنهم لسترهم ما في قلوبهم كالمستغشي ثيابه ، أو كان قوم من المسلمين يتنسكون بستر أبدانهم فلا يكشفونها تحت السماء فبين الله -تعالى- أن النسك بالاعتقاد والعمل . { ما يُسرّون } في قلوبهم { وما يُعلنون } بأفواههم ، أو ما يسرون الإيمان وما يعلنون العبادات ، أو ما يسرون عمل الليل ، وما يعلنون عمل النهار " ع " { بذات الصدور } بأسرارها ، نزلت في الأخنس بن شريق " ع " .