{ أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ } يقال : ثني صدره عن الشيء : إذا ازورّ عنه وانحرف منه ، فيكون في الكلام كناية عن الإعراض ؛ لأن من أعرض عن الشيء ثنى عنه صدره ، وطوى عنه كشحه . وقيل معناه : يعطفون صدورهم على ما فيها من الكفر والإعراض عن الحق ، فيكون في الكلام كناية عن الإخفاء لما يعتقدونه من الكفر ، كما كان دأب المنافقين .
والوجه الثاني أولى ، ويؤيده قوله : { لِيَسْتَخْفُواْ مِنْهُ } أي : ليستخفوا من الله ، فلا يطلع عليه رسوله والمؤمنين ، أو ليستخفوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ ثم كرّر كلمة التنبيه مبيناً للوقت الذي يثنون فيه صدورهم ، فقال : { أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ } أي : يستخفون في وقت استغشاء الثياب ، وهو التغطي بها ، وقد كانوا يقولون : إذا أغلقنا أبوابنا ، واستغشينا ثيابنا ، وثنينا صدورنا على عداوة محمد فمن يعلم بنا ؟ وقيل : معنى حين يستغشون : حين يأوون إلى فراشهم ، ويتدثرون بثيابهم . وقيل : إنه حقيقة : وذلك أن بعض الكفار كان إذا مرّ به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثنى صدره ، وولى ظهره ، واستغشى ثيابه ، لئلا يسمع كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وجملة : { يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ } مستأنفة لبيان أنه لا فائدة لهم في الاستخفاء ؛ لأن الله سبحانه يعلم ما يسرّونه في أنفسهم ، أو في ذات بينهم وما يظهرونه ؛ فالظاهر والباطن عنده سواء ، والسرّ والجهر سيان ، وجملة : { إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصدور } تعليل لما قبلها وتقرير له ، وذات الصدور هي : الضمائر التي تشتمل عليها الصدور . وقيل : هي القلوب ، والمعنى : إنه عليم بجميع الضمائر ، أو عليم بالقلوب وأحوالها في الإسرار والإظهار ، فلا يخفى عليه شيء من ذلك .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.