قوله تعالى : { ومنهم من يستمع إليك حتى إذا خرجوا من عندك قالوا للذين أوتوا العلم ماذا قال آنفا } .
لما بين الله تعالى حال الكافر ذكر حال المنافق بأنه من الكفار ، وقوله { ومنهم } يحتمل أن يكون الضمير عائدا إلى الناس ، كما قال تعالى في سورة البقرة { ومن الناس من يقول آمنا بالله } بعد ذكر الكفار ، ويحتمل أن يكون راجعا إلى أهل مكة ، لأن ذكرهم سبق في قوله تعالى : { هي أشد قوة من قريتك التي أخرجتك أهلكناهم } ويحتمل أن يكون راجعا إلى معنى قوله { كمن هو خالد في النار وسقوا ماء حميما } يعني ومن الخالدين في النار قوم يستمعون إليك ، وقوله { حتى إذا خرجوا من عندك } على ما ذكرنا حمل على المعنى الذي هو الجمع ، ويستمع حمل على اللفظ ، وقد سبق التحقيق فيه ، وقوله { حتى } للعطف في قول المفسرين ، وعلى هذا فالعطف بحتى لا يحسن إلا إذا كان المعطوف جزءا من المعطوف عليه إما أعلاه أو دونه ، كقول القائل : أكرمني الناس حتى الملك ، وجاء الحاج حتى المشاة ، وفي الجملة ينبغي أن يكون المعطوف عليه من حيث المعنى ، ولا يشترط في العطف بالواو ذلك ، فيجوز أن تقول في الواو : جاء الحاج وما علمت ، ولا يجوز مثل ذلك في حتى ، إذا علمت هذا فوجه التعلق هاهنا هو أن قوله { حتى إذا خرجوا من عندك } يفيد معنى زائدا في الاستماع كأنه يقول : يستمعون استماعا بالغا جيدا ، لأنهم يستمعون وإذا خرجوا يستعيدون من العلماء كما يفعله المجتهد في التعلم الطالب للتفهم ، فإن قلت فعلى هذا يكون هذا صفة مدح لهم ، وهو ذكرهم في معرض الذم ، نقول يتميز بما بعده ، وهو أحد أمرين : إما كونهم بذلك مستهزئين ، كالذكي يقول للبليد : أعد كلامك حتى أفهمه ، ويرى في نفسه أنه مستمع إليه غاية الاستماع ، وكل أحد يعلم أنه مستهزئ غير مستفيد ولا مستعيد ، وإما كونهم لا يفهمون مع أنهم يستمعون ويستعيدون ، ويناسب هذا الثاني قوله تعالى : { كذلك يطبع الله على قلوب الكافرين } ، والأول : يؤكده قوله تعالى : { وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزءون } . والثاني : يؤكده قوله تعالى : { قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم } ، وقوله { آنفا } قال بعض المفسرين : معناه الساعة ، ومنه الاستئناف وهو الابتداء ، فعلى هذا فالأولى أن يقال يقولون ماذا قال آنفا بمعنى أنهم يستعيدون كلامه من الابتداء ، كما يقول المستعيد للمعيد : أعد كلامك من الابتداء حتى لا يفوتني شيء منه .
قوله تعالى : { أولئك الذين طبع الله على قلوبهم واتبعوا أهواءهم } .
أي تركوا اتباع الحق إما بسبب عدم الفهم ، أو بسبب عدم الاستماع للاستفادة واتبعوا ضده .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.