البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَمِنۡهُم مَّن يَسۡتَمِعُ إِلَيۡكَ حَتَّىٰٓ إِذَا خَرَجُواْ مِنۡ عِندِكَ قَالُواْ لِلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡعِلۡمَ مَاذَا قَالَ ءَانِفًاۚ أُوْلَـٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ طَبَعَ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمۡ وَٱتَّبَعُوٓاْ أَهۡوَآءَهُمۡ} (16)

آيفاً وآنفاً : هما اسما فاعل ، ولم يستعمل فعلهما ، والذي استعمل ائتنف ، وهما بمعنى مبتديا ، وتفسيرهما بالساعة تفسير معنى . وقال الزجاج : هو من استأنفت الشيء ، إذا ابتدأته .

وكذا : { اخرجوا } : على معنى من يستمع .

كان المنافقون يحضرون عند الرسول ويستمعون كلامه وتلاوته ، فإذا خرجوا ، { قال الذين أوتوا العلم } ، وهم السامعون كلام الرسول حقيقة الواعون له : { ماذا قال آنفاً } ؟ أي الساعة ، وذلك على سبيل الهزء والاستخفاف ، أي لم نفهم ما يقول ، ولم ندر ما نفع ذلك .

وممن سألوه : ابن مسعود .

وآنفاً : حال ؛ أي مبتدأ ، أي : ما القول الذي ائتنفه قبل انفصاله عنه ؟ وقرأ الجمهور : آنفاً ، على وزن فاعل ؛ وابن كثير : على وزن فعل .

وقال الزمخشري : وآنفاً نصب على الظرف . انتهى .

وقال ذلك لأنه فسره بالساعة .

وقال ابن عطية ، والمفسرون يقولون : آنفاً ، معناه : الساعة الماضية القريبة منا ، وهذا تفسير بالمعنى . انتهى .

والصحيح أنه ليس بظرف ، ولا نعلم أحداً من النحاة عده في الظروف .