{ ومنهم } أي من هؤلاء الكفار الذين يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام { من يستمع إليك } وهم المنافقون ، أفرد الضمير باعتبار لفظة { من } وجمع في قوله : { حتى إذا خرجوا من عندك } باعتبار معناها ، والمعنى أن المنافقين كانوا يحضرون مواقف وعظ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومواطن خطبه التي يمليها على المسلمين يوم الجمعة ، وحينئذ تكون هذه الآية مدنية ، بل وكذا ما بعدها من الآيات الآتية فتكون مستثناة من القول بأن السورة مكية ، والمعنى : حتى إذا خرجوا من عنده .
{ قالوا للذين أوتوا العلم } وهم علماء الصحابة ، وقيل : عبد الله بن عباس وقيل عبد الله بن مسعود : أبو الدرداء والأول أولى ، أي سألوا أهل العلم فقالوا لهم على طريقة الاستهزاء : { ماذا } أي أي شيء { قال } أي النبي صلى الله عليه وسلم ، { آنفا ؟ } بالمد والقصر أي الساعة ، وبها فسره الزمخشري وقال : أنه ظرف حالي كالآن ، وقال ابن عطية والمفسرون : معناه الساعة الماضية القريبة منا ، وهذا تفسير بالمعنى ، والمعنى أنا لم نلتفت إلى قوله ولم نرجع إليه ، ومنه أمر أنف أي مستأنف ، وروضة أنف ، أي لم يرعها أحد ، وانتصابه على الظرفية أي وقتا مؤتنفا أو حال من الضمير في قال ، قال الزجاج : هو من استأنفت الشيء إذا ابتدأته .
وأصله مأخوذ من أنف الشيء لما تقدم منه مستعار من الجارحة قال ابن عباس : كنت فيمن يسأل ، وعنه قال : أنا منهم ، وفي هذا منقبة لابن عباس جليلة لأنه كان إذا ذاك صبيا فإن النبي صلى الله عليه وسلم ، مات وهو في سن البلوغ ، فسؤال الناس له عن معاني القرآني في حياة النبي صلى الله عليه وسلم {[1490]} ، ووصف الله سبحانه للمسؤولين بأنهم الذين أوتوا العلم وهو منهم من أعظم الأدلة على سعة علمه ، ومزيد فقهه في كتاب الله وسنة رسوله ، مع كون أترابه وأهل سنه إذ ذاك يلعبون مع الصبيان .
وعن عكرمة قال : " كانوا يدخلون على رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا خرجوا من عنده قالوا لابن عباس : ماذا قال آنفا فيقول كذا وكذا وكان ابن عباس أصغر القوم فأنزل الله الآية " . فكان ابن عباس من الذين أوتوا العلم ، وعن ابن بريده قال : هو ابن مسعود ، وعن ابن عباس قال : هو ابن مسعود والإشارة بقوله : { أولئك } إلى المذكورين من المنافقين ، وهو مبتدأ وخبره { الذين طبع الله على قلوبهم } أي بالكفر فلم يؤمنوا ، ولا توجهت قلوبهم إلى شيء من الخير .
{ واتبعوا أهواءهم } في الكفر والعناد ، ثم ذكر حال أضدادهم فقال : { والذين اهتدوا } إلى طريق الخير فآمنوا بالله وعملوا بما أمرهم به { زادهم هدى } بالتوفيق ، وقيل : زادهم النبي صلى الله عليه وسلم ، وقيل : زادهم القرآن ، وقال الفراء : زادهم إعراض المنافقين واستهزاؤهم هدى ، وقيل : زادهم نزول الناسخ هدى ، وعلى كل تقدير فالمراد أنه زادهم إيمانا وعلما بصيرة في الدين ، قال ابن عباس في الآية : لما أنزل القرآن آمنوا به ، وكان هدى ، فلما تبين الناسخ من المنسوخ زادهم هدى .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.