الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَمِنۡهُم مَّن يَسۡتَمِعُ إِلَيۡكَ حَتَّىٰٓ إِذَا خَرَجُواْ مِنۡ عِندِكَ قَالُواْ لِلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡعِلۡمَ مَاذَا قَالَ ءَانِفًاۚ أُوْلَـٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ طَبَعَ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمۡ وَٱتَّبَعُوٓاْ أَهۡوَآءَهُمۡ} (16)

قوله : { ومنهم من يستمع إليك } إلى قوله { وتقطعوا أرحامكم } الآيات [ 17-23 ] .

أي : ومن هؤلاء الكفار يا محمد من يستمع إلى {[63501]} قراءتك وهم المنافقون .

{ حتى إذا خرجوا من عندك قالوا للذين أوتوا العلم ماذا قال آنفا } .

أي : فإذا خرج هؤلاء المنافقون المستمعون إليك ، لم يعوا شيئا ولا حفظوا مما قلت شيئا ، لأنهم حضروا لغير الله ، واستمعوا بغير نية ، فإذا خرجوا بغير علم ولا فهم ، قالوا : لأصحابك المؤمنين ما قال محمد آنفا {[63502]} . أي : منذ ساعة .

قال قتادة : هم المنافقون ، دخل رجلان : رجل ممن عقل عن الله ، فانتفع بما سمع ، ورجل لم يعقل عن الله ، فلم ينتفع بما سمع {[63503]} .

وكان يقال : الناس {[63504]} ثلاثة : سامع فعاقل {[63505]} ، وسامع فغافل ، وسامع فتارك {[63506]} ، وكان ابن عباس يقول : { قالوا للذين أوتوا العلم ماذا قال آنفا } أنا منهم ، وقد سئلت ( فيمن سئل ) {[63507]} {[63508]} .

قال {[63509]} ابن زيد : " هم الصحابة " .

قال عبد الله {[63510]} بن بريدة : قالوا ذلك لابن مسعود {[63511]} . وقيل إنهم سمعوا النبي صلى الله عليه وسلم يخطب ثم خرجوا فقالوا للمسلمين استهزاء : ماذا قال آنفا ، /أي : إنا لم نلتفت إلى ما قال .

ثم قال : { أولئك الذين طبع الله على قلوبهم واتبعوا أهواءهم } .

أي : أولئك الذين هذه صفتهم هم الذين ختم الله على قلوبهم فهم لا يهتدون للحق ، فرفضوا أمر الله واتبعوا ما دعتهم إليه أنفسهم بغير برهان ولا حجة ، فهذه في المنافقين .

وقال : { كمن زين له سوء عمله واتبعوا أهواءهم } .

هذه في أهل الشرك ، فكلا الفريقين اتبعوا أهواءهم .


[63501]:ع: "عن" وهو تحريف.
[63502]:ع : "ماذا قال آنفا".
[63503]:انظر : جامع البيان 26/32، وتفسير القرطبي 16/239، والدر المنثور 7/466.
[63504]:ح: "للناس".
[63505]:ع : "فعامل": وهو تحريف.
[63506]:انظر : تفسير القرطبي 16/239.
[63507]:ع: "في مرسل": وهو تحريف.
[63508]:انظر: جامع البيان 26/32، والدر المنثور 7/466.
[63509]:ع: "وقال".
[63510]:عبد الله بن بريدة بن الحصيب الأسلمي، أبو سهل: قاض من رجال الحديث أصله من الكوفة، سكن البصرة، وولي القضاء بمرو فثبت فيه إلى أن توفي، روى عن أبيه وابن عباس وابن عمرو وابن مسعود وأبي هريرة وعائشة، وعنه سعد بن عبيدة وعبد الله بن عطاء المكي وآخرون، توفي سنة 115 هـ. انظر: طبقات ابن سعد 4/241، والجرح والتعديل 5/13، وتهذيب التهذيب 5/157، وسير أعلام النبلاء 5/50، والإصابة 1/209، والأعلام 2/50.
[63511]:انظر : إعراب النحاس 4/184، والدر المنثور 7/466.